المسألة الأول: الجد مع الإخوة، هل يرث الإخوة مع الجد أم لا؟ أقول: الجد من الأصول، لكن اختلف العلماء اختلافاً شديداً في مسألة الجد مع الإخوة، فـ أبو بكر وابن عباس وكثير من الصحابة يقولون: بأن الجد إذا وجد معه الإخوة لأب أو الإخوة الأشقاء، لا يرثون معه؛ لأن الجد ينزل منزلة الأب، ودليل ذلك قوله تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}[الحج:٧٨].
فإبراهيم أبو النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً قول يوسف {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}[يوسف:٣٨].
فإبراهيم جده وليس بأبيه، ومع ذلك قال: إني اتبعت ملة آبائي إبراهيم.
الدليل الثاني: الإجماع على أن الجد إذا وجد مع الإخوة لأم فإنه يحجبهم حجب حرمان فلا يرثون، وهذا هو قول الأحناف ورواية عن أحمد من الفقهاء.
أما الذين قالوا بأن الجد يرث مع الإخوة بالاشتراك، بتقسيم معين بين الجد وبين الإخوة في المواريث، وهذا ما عليه جمهور الصحابة وجمهور الفقهاء، فـ زيد بن ثابت الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:(وأفرضكم زيد) يقول بالتشريك، وكذلك الشافعي وأحمد ومالك يقولون بالتشريك، وأيضاً ابن عباس وعمر رجعا عن القول الأول إلى هذا القول.
ونكتفي بما قاله زيد بن ثابت والشافعية، قالوا: الإخوة يمكن أن يكونوا عصبة للنساء فيرثون بالتعصيب، مثال ذلك: هلك هالك عن بنت وإخوة وأخوات، فالبنت لها النصف، والدليل قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}[النساء:١١].
والباقي يكون للذكر مثل حظ الأنثيين تعصيباً، فالأخ الذكر عصب النساء الأخوات وورث معهن، والجد لا يمكن أن يعصب الأخت.
وقال أصحاب القول الأول: يمكن أن الجد يرث تعصيباً ويأخذ الكل إذا لم يكن أحد.
فالصحيح الراجح هو قول الذين قالوا بأن الجد ينزل منزلة الأب؛ لقول الله تعالى:{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ}[يوسف:٣٨].
فيأخذ الجد حكم الأب فيحجب الإخوة، وهذا ترجيح شيخ الإسلام وهو قول الأحناف.