[الاستدلال العام والخاص]
من المسائل التي اختلف فيها الأصوليون (مسألة العام والخاص)، فسنتكلم عن المسائل الخلافية التي تدخل في الخلاف بسبب العموم والخصوص.
فلو قلت مثلاً: أكرموا العلماء، فهذه دلالة على إكرام كل عالم من العلماء، ويكون هذا اللفظ عاماً يصلح للعالم الصغير، والعالم الكبير، والعالم المصري، والعالم الألباني، والعالم الهندي، والعالم الباكستاني، سواء كان عالم كيمياء، أو عالم فقه أو غيرها، لكن لو قلت: أكرموا علماء الشرع فقد خصصت علماء الشرع بالإكرام، وإن كان هذا أيضاً عموماً، ولكنه عموم في بابه.
أما الخاص: فهو اللفظ الموضوع لمعنى واحد معلوم على الانفراد.
فلو قيل: أكرم زيداً، فإن جاءك محمد فلا تكرمه؛ لأنك خصصت الإكرام لزيد، فلا يجري الحكم على محمد.
وألفاظ العموم كثيرة نذكرها كما يلي: أسماء الإشارة، والأسماء الموصولة: كالذي والتي واللائي وهذا كمثل قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:٣٣] فهذا عام مخصوص والمراد به أبو بكر الصديق.
قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق:٤] فهذا عام في كل امرأة؛ لأن كلمة (اللائي) من الأسماء الموصولة الدالة على العموم.
ومن ألفاظ العموم أيضاً المفرد المعرف بألف واللام وذلك كقول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:٣٨] فهذا عام في كل سارق وسارقة، وأيضًا قول الله تعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور:٣]، وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور:٢] فلفظ: (الزانية والزاني) معرف بألف ولام فهي استغراقية.
ومن ألفاظ العموم اسم الجنس المعرف بالألف واللام كأن تقول: الإنسان أي: جنسه فيدخل تحته كل أفراده، ومن ذلك قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:٢٢٨].
ومنها المفرد المضاف كقول الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:٣٤] فكلمة: (النعمة) مضافة إلى لفظ الجلالة: (الله) والمفرد المضاف يفيد العموم.
ومن ألفاظ العموم أيضًا النكرة في سياق النفي كقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨]، أو قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة:٨٤]، فالآية الأولى في سياق النفي والثانية في سياق النهي.
ومن النكرة في سياق النفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث)، وهناك ألفاظ كثيرة من ألفاظ العموم تراجع في مظانها.