[أنواع الشرك الثلاثة باعتبار أعمال الناس وأحوالهم]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فلا زلنا مع الفتاوى لـ شيخ الإسلام وفي مسألة العبودية وحقيقتها وأنواعها، وسيكون درسنا لهذا اليوم مخصص في الفصل الذي خصصه شيخ الإسلام في مسألة الخشية والخوف، وله رحمه الله في هذا الفصل وقفات عظيمة جداً، وفقه ينبغي أن نستفيد منه.
ولذلك يحسن أن نقف عند بعض المسائل الدقيقة لعنصرتها، وبيان ما بينها من ترابط؛ لأنها مجملة ومركزة كما سترون.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: [فصل: ذكر الله عن إمامنا إبراهيم خليل الله أنه قال لمناظريه من المشركين الظالمين: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:٨١ - ٨٢].
وفي الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الظلم بالشرك وقال: ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:١٣])، فأنكر أن نخاف ما أشركوهم بالله من جميع المخلوقات العُلْويات والسفليات، وعدم خوفهم من إشراكهم بالله شريكاً لم ينزل الله به سلطاناً، وبين أن القسم الذي لم يشرك هو الآمن المهتدي.
وهذه آية عظيمة تنفع المؤمن الحنيف في مواضع، فإن الإشراك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، دع جليله، وهو شرك في العبادة والتأله، وشرك في الطاعة والانقياد وشرك في الإيمان والقبول].
هذه ثلاثة أنواع من الشرك سيفصل فيها شيخ الإسلام بعد قليل ويضرب لها أمثلة، وهي في الحقيقة من أدق الفهوم التي قرأتها في مفهوم الشرك، وفي تطبيق أنواع الشرك وأقسامه على أنواع أعمال البشر القلبية والعملية، ويستفيد منها من تأملها؛ لأنها تنظم جميع أنواع الشرك التي تحدث من الناس، سواء من ذلك الشرك الأصغر والشرك الخفي، أو الشرك الأكبر؛ يدخل في هذا أنواع الشرك الأكبر والأصغر.
وهذا التقسيم تقسيم بحسب أحوال أعمال الناس، وينطبق هذا التقسيم الذي سيأتي على مسالك أكثر الذين ضلوا في التوحيد من هذه الأمة، أو من فرق هذه الأمة التي فارقت السنة والجماعة كما سيأتي.