وأما الشرك الثالث، أعني: شرك التصديق، فهو أخذ الخبر وتصديقه في أمر الدين أو في أمر التشريع، وفيما يتعبد به عن غير الكتاب والسنة، وهذا يفعله كثير من عوام الفرق، فيصدقون شيوخهم الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويضعون في الدين أشياء من عندهم، فيصدقونهم بمجرد دعاوى لا أصل لها، وليس عندهم على ذلك برهان ودليل.
قال رحمه الله تعالى:[وأما الشرك الثالث فكثير من أتباع المتكلمة والمتفلسفة، بل وبعض المتفقهة والمتصوفة، بل وبعض أتباع الملوك والقضاة يقبل قول متبوعه فيما يخبر به من الاعتقادات الخبرية، ومن تصحيح بعض المقالات وإفساد بعضها، ومدح بعضها وبعض القائلين، وذم بعض بلا سلطان من الله، ويخاف ما أشركه في الإيمان والقبول، ولا يخاف إشراكه بالله شخصاً في الإيمان به، وقبول قوله بغير سلطان من الله.
وبهذا يخرج من شرع الله تصديقه من المرسلين والعلماء المبلغين، والشهداء الصادقين وغير ذلك].
لأن طاعة هؤلاء واتباعهم إنما هي بأمر الله عز وجل، فطاعة المرسلين بأمر الله، وطاعة العلماء الراسخين في العلم فيما عليه دليل أو برهان، وكذلك الشهداء والصادقين، أي: الذين أخلصوا الدين لله، وصدقوا في نقلهم عن الله عز وجل، فهؤلاء يصدقون.
إذاً: فقوله: (وبهذا يخرج)، أي: يخرج من المنع الذي يوقع في الشرك، أي: شرك التصديق.