قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [فصل: والسعادة في معاملة الخلق: أن تعاملهم لله، فترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله، وتخافه فيهم ولا تخافهم في الله، وتحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافأتهم، وتكف عن ظلمهم خوفاً من الله لا منهم، كما جاء في الأثر:(ارج الله في الناس ولا ترج الناس في الله، وخف الله في الناس ولا تخف الناس في الله)، أي: لا تفعل شيئاً من أنواع العبادات والقرب لأجلهم، لا رجاء مدحهم ولا خوفاً من ذمهم، بل ارج الله ولا تخفهم في الله فيما تأتي وما تذر، بل افعل ما أمرت به وإن كرهوه].
ذكر الشيخ هنا أربعة من الأسس التي تقوم عليها السعادة في معاملة الخلق، وهي في الحقيقة أمور جامعة ومانعة تشمل جميع وجوه السعادة في معاملة الخلق التي يكون بها رضا الله عز وجل وتحقيق العبودية له، وهذه الأسس الأربعة هي: أولاً: أن تعاملهم لله، فترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله.
ثانياً: تخافه فيهم ولا تخافهم في الله.
ثالثاً: تحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافأتهم.
رابعاً: أن تكف عن ظلمهم خوفاً من الله.
فجعل جميع هذه الأسس الأربعة تقوم على مراعاة حق الله عز وجل في معاملة العباد، وعلى تحقيق العبودية من خلال معاملة العباد، وأشار إلى أن هذا هو الذي يكون به السعادة في معاملة الخلق، أي: سعادة القلب وسعادة النفس، وإلا فالإنسان قد يشعر بالسعادة الشكلية من خلال ما يحققه من مصالح دنيوية من خلال تعامله مع العباد، لكنها مصالح منغصة كما سيذكره فيما بعد، وهذا إذا لم يكن فيها مراعاة لحق الله عز وجل، وعليه فلا بد أن يكون هذا هو الأصل والمنطلق في معاملة العباد.