قال رحمه الله تعالى: [وقد يكون في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عبارة لها معنى صحيح، لكن بعض الناس يفهم من تلك غير مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا يرد عليه فهمه، كما روى الطبراني في معجمه الكبير (أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: قوموا بنا لنستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يُستغاث بي، وإنما يُستغاث بالله)، فهذا إنما أراد به النبي صلى الله عليه وسلم المعنى الثاني، وهو أن يُطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله، وإلا فالصحابة كانوا يطلبون منه الدعاء ويستسقون به كما في صحيح البخاري عن ابن عمر قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فما ينزل حتى يجيش له ميزاب.
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل وهو قول أبي طالب؛ ولهذا قال العلماء المصنفون في أسماء الله تعالى: يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله، وأن كل غوث فمن عنده، وإن كان جعل ذلك على يدي غيره فالحقيقة له سبحانه وتعالى ولغيره مجاز.
قالوا: من أسمائه تعالى المغيث والغياث، وجاء ذكر المغيث في حديث أبي هريرة قالوا: واجتمعت الأمة على ذلك.
وقال أبو عبد الله الحليمي: الغياث هو المغيث، وأكثر ما يقال: غياث المستغيثين، ومعناه: المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه ومجيبهم ومخلّصهم، وفي خبر الاستسقاء في الصحيحين:(اللهم أغثنا، اللهم أغثنا).
يقال: أغاثه إغاثة وغياثاً وغوثاً، وهذا الاسم في معنى المجيب والمستجيب، قال تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:٩]، إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال، والاستجابة أحق بالأقوال، وقد يقع كل منهما موقع الآخر].