قال رحمه الله تعالى: [فظهر أن سبب الاجتماع والألفة جمع الدين، والعمل به كله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما أمر به باطناً وظاهراً.
وسبب الفرقة ترك حظ مما أمر العبد به والبغي بينهم.
ونتيجة الجماعة رحمة الله ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا والآخرة وبياض الوجوه.
ونتيجة الفرقة عذاب الله ولعنته وسواد الوجوه وبراءة الرسول صلى الله عليه وسلم منهم.
وهذا أحد الأدلة على أن الإجماع حجة قاطعة، فإنهم إذا اجتمعوا كانوا مطيعين لله بذلك مرحومين، فلا تكون طاعة لله ورحمته بفعل لم يأمر الله به، من اعتقاد أو قول أو عمل، فلو كان القول أو العمل الذي اجتمعوا عليه لم يأمر الله به، لم يكن ذلك طاعة لله ولا سبباً لرحمته، وقد احتج بذلك أبو بكر عبد العزيز في أول (التنبيه) نبه على هذه النكتة].
يظهر لي أن هذا من كلام الخلال المشهور بغلام الخلال، وقد توفي سنة (٣٦٣هـ)، وهو من أئمة السنة ومن علماء الحنابلة، وله مواقف مشهودة ضد البدع وأهلها، كما أنه من مؤصلة المذهب الحنبلي من حيث التأصيل العقدي والتأصيل الفقهي.