للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصور الكبرى للعبادة وغيرها من الصور]

قال رحمه الله تعالى: [والاستغفار: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح:١٠] {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود:٣]، والاسترزاق والاستنصار كما في صلاة الاستسقاء والقنوت على الأعداء، قال: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} [العنكبوت:١٧]، وقال: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:١٦٠]، والاستغاثة كما قال: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال:٩]، والاستجارة كما قال: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون:٨٨ - ٨٩]، والاستعاذة كما قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:١]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:١]، وقال: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:٩٧ - ٩٨]، وقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل:٩٨] الآية، وتفويض الأمر كما قال مؤمن آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:٤٤].

وفي الحديث المتفق عليه في الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقال عند المنام: (اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك).

وقال: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} [الأنعام:٥١]، وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} [السجدة:٤]، فالولي الذي يتولى أمرك كله، والشفيع الذي يكون شافعاً فيه، أي: عوناً، فليس للعبد دون الله من ولي يستقل ولا ظهير معين، وقال: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس:١٠٧]، وقال: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:٢]، وقال: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الزمر:٤٣ - ٤٤]، وقال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ُ} [سبأ:٢٢ - ٢٣]، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥]، وقال: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم:٢٦]].

في هذه النصوص استعرض الشيخ أنواعاً كثيرة من أنواع العبادة، فبعضها قد يتفرع من بعض، وبعضها قد يكون من القواعد الشاملة، وبعضها قد يكون داخلاً في توحيد العبادة البحتة، وبعضها داخلاً في توحيد الربوبية، وبعضها داخلاً في توحيد الألوهية، وبعضها يجمع بين نوعي التوحيد إلى آخر ذلك.

فالشيخ هنا أراد أن يعدد صور العبادة، لا سيما تلك الصور التي قد يظن بعض الناس أنها غير داخلة في العبادة دخولاً أولياً، كطلب الرزق، فهو رحمه الله قد ذكر الصور الكبرى مثل: المحبة والخشية والرجاء، وهذه جماع أصول العبادة، وهي ما يسميها أهل العلم بأركان العبادة، وكل بقية هذه الصور التي ذكرها هي أنواع من أنواع العبادة، ولذلك الصحيح أن أنواع العبادة لا حصر لها، فكل ما يتوجه به العباد إلى الله عز وجل من العبادة المتعلقة بمحبته سبحانه، أو المتعلقة برجائه، أو المتعلقة بخشيته وما يتفرع عن هذه الأمور من الاستعانة والتوكل وغيرها، كل ذلك من أصول العبادة، وراجع إلى تأليه الله عز وجل وإفراده بالألوهية والربوبية.

ولذلك ذكر من الصور: الاسترزاق والاستنصار كما

<<  <  ج: ص:  >  >>