[نبذة مختصرة عن كتاب الأصول الثلاثة ومؤلفه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم.
أيها الإخوة الكرام! إن طلب العلم من الأمور المهمة للمسلم عموماً وللداعية إلى الله سبحانه وتعالى خصوصاً؛ فإن البصيرة هي النتيجة المترتبة على طلب العلم، وهي طريقة الأنبياء والمرسلين، كما قال الله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].
فطلب العلم أمر مهم وأساسي في صحة عمل الإنسان، وفي صحة دعوته، وفي صحة فهمه للقرآن وللسنة.
وهذه الأمور ينبغي أن تكون محط اهتمام لكل شاب ولكل مسلم، فالعلم وطلب العلم من الأمور الضرورية والأساسية.
في هذا اللقاء بإذن الله سنبتدئ هذه الدروس بكتاب (الأصول الثلاثة) للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
وهذا الكتاب هو متن صغير أساسي يبين فيه التوحيد والدين والنبوة، يبين هذه المعاني الثلاثة الأساسية المهمة في فهم العقيدة، وفي دراستها دراسة سليمة وصحيحة.
وهو كتاب مختصر، لكنه كتاب مبارك؛ لأنه سهل العبارة ومركز وموجه، وليس فيه أي تعقيد أو إشكالات.
فالإنسان بمجرد أن يقرأ الكتاب يستطيع أن يفهمه، ويستطيع أن يعرف المعاني المتضمنة فيه.
هذا الكتاب قبل أن يبدأ الشيخ في الأصول الثلاثة قدم لذلك بأربعة مسائل، ثم بعد ذلك بثلاثة مسائل أخرى، ثم شرع في الأصول الثلاثة.
والأصول الثلاثة إذا سألنا أنفسنا: لماذا حدد الشيخ هذه الأصول الثلاثة؟ لماذا لا تكون خمسة؟ لماذا لا تكون سبعة؟ لماذا لم تكن عشرة؟ لقد بناها الشيخ رحمه الله تعالى على أساس أنها المسائل والأصول التي يسأل عنها الإنسان في قبره.
فالإنسان إذا دفن في قبره يسأل عن ربه، ويسأل عن دينه، ويسأل عن نبيه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث البراء بن عازب، وأيضاً في غيره من الأحاديث: (أن الإنسان إذا دفن في قبره جاءه ملكان، أحدهما منكر والآخر نكير، ثم يسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟).
فهذه الأسئلة الثلاثة تحتاج إلى إجابة، وإجابتها هي التي ذكرها الشيخ رحمه الله في هذه الرسالة المختصرة.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هو عالم جليل، ولد في نجد في العيينة في عام ألف ومائة وخمسة عشر، ونشأ نشأة علمية منذ أن كان صغيراً، وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، ثم بعد ذلك درس على والده شيئاً من العلم، ثم انتقل إلى مكة ودرس على علمائها، ثم انتقل إلى بلاد الشام وإلى المدينة، ودرس في المدينة على الشيخ محمد حياة السندي صاحب الحواشي على كتب السنة، وهو عالم معروف في علم الحديث.
وأيضاً درس علم الفرائض على إبراهيم الشمري شارح الألفية، له كتاب اسمه (العذب الفائض في شرح ألفية الفرائض).
والتقى بعدد من أهل العلم ودرس عليهم وتفقه رحمه الله، ثم جاء إلى نجد وبدأ عملاً دعوياً تجديدياً نافعاً صالحاً؛ لأن الناس في تلك الفترة كانوا في فترة وانقطاع من العلم الشرعي، وكانوا في فترة انتشار للشركيات بأسباب كثيرة منها: الجهل، ومنها: البدع التي كانت منتشرة، ومن آثارها الشركيات، وسيأتي معنا تفصيل هذه القضايا في كشف الشبهات، وفي كتاب التوحيد بإذن الله تعالى.
فلما جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى بيئة مليئة بالشرك، يعبدون غير الله عز وجل، وهم في نفس الوقت ينتسبون إلى الإسلام، بل إن العلماء في زمانهم كانوا يؤكدون أنه لا مانع من مثل هذه الشركيات، بحجة محبة الأولياء والصالحين والأنبياء وغير ذلك، فقام ببيان التوحيد، وركز على موضوع توحيد الألوهية؛ لأنه هو التوحيد الذي جاءت به الرسل كما سيأتي معنا.
وأوذي رحمه الله وصبر على هذا الإيذاء، وكاد يقتل رحمه الله، ثم بعد ذلك اجتهد واستطاع أن يؤثر تأثيراً كبيراً، واجتمع هو ومحمد بن سعود واستطاعا أن يؤسسا دولة على التوحيد، وينشرا العقيدة الصحيحة.
وقد توفي رحمه الله في سنة ألف ومائتين وستة، يعني: في بداية القرن الثالث عشر.
وله عدد من الكتب منها: هذا الكتاب (الأصول الثلاثة)، ومنها: (كتاب التوحيد)، ومنها: (كشف الشبهات) ومنها: (نواقض الإسلام) وله اختصار لزاد المعاد، وله اختصار أيضاً لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد جمعت مؤلفاته جميعاً وطبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهناك رسائل كتبها إلى عدد من الأمراء، وإلى عدد من زعماء القبائل في تلك الفترة.
وكان له دعوة وجهاد وبذل عظيم في نشر التوحيد، وتأثر به عدد كبير في العالم الإسلامي، وقام من أصداء دعوته حركات ودعوات، منها: دعوة الشيخ عثمان بن فودي رحمه الله في أفريقيا، وقد تأسست على دعوة الشيخ عثمان بن فودي رح