الإيمان في الشرع قول وعمل، قول اللسان مثل قراءة القرآن والذكر، وقول القلب وهو تصديقه بما أخبر الله عز وجل به، وبما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وعمل يشمل عمل القلب مثل المحبة والخوف والتوكل والإنابة والمحبة والخشية ونحو ذلك، ويشمل عمل الجوارح، مثل الصلاة والصيام والحج؛ ولهذا الإيمان يشمل الدين بأكمله.
قال:[الإيمان وهو بضع وسبعون شعبة] بِضع بالكسر معناه العدد من الثلاثة إلى التسعة، والبضع هو الجزء، ويطلق البضع على عورة المرأة.
وقوله:(وسبعون شعبة) ليس المقصود هنا العدد؛ ولهذا حاول بعض أهل العلم أن يجمع خصال أهل الإيمان فزادت عن تسعة وسبعين شعبة، وممن حاول جمعها البيهقي رحمه الله في كتابه شعب الإيمان، والحليمي في كتابه المنهاج في شعب الإيمان أيضاً، ولكنها زادت عن التسعة والسبعين؛ لأن العرب تطلق لفظ السبعين للكثرة بدون تحديد؛ ولهذا فسر حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب بأن المقصود بهم الكثرة دون تحديد العدد؛ ولهذا قال الله عز وجل:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}[التوبة:٨٠]، والمقصود: إذا استغفرت لهم كثيراً، وهذا مثل إطلاق كلمة المليون عند الناس، فبعض الناس يقول: لو تعطيني مليون ما أسوي كذا، وهو لا يقصد العدد، وإنما يقصد لو أعطيتني شيئاً كبيراً جداً لا يمكن أن أعمل كذا.
قال:(فأعلاها قول: لا إله إلا الله) يعني: أعلى الإيمان التوحيد، ولا إله إلا الله هي التوحيد، (وأدناها) يعني: أدنى شعب الإيمان (إماطة الأذى عن الطريق)، والإماطة معناها الإزالة، والأذى معروف، وعن الطريق أي: إذا كان على طريق الإنسان، (والحياء شعبة من الإيمان) الحياء صفة من الصفات النفسية تدفع لفعل الأعمال الخيرة وتمنع عن قبيح التصرفات، والحياء من أعمال القلب، وأعمال القلب كثيرة جداً، فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين أعداداً كثيرة جداً من أعمال القلب، وبينها فروق في غاية الدقة، مثل: الفرق بين الخشية والخوف والوجل، ونحو ذلك من العبارات التي تكون متقاربة، وابن القيم رحمه الله من العلماء المتخصصين في أعمال القلوب؛ لأن أعمال القلوب فيها دقة عالية جداً، لا يفهمها أي أحد.