للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة التوحيد وأقسامه وما يضاده]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] ومعنى (يعبدون) يوحدون، وأعظم ما أمر الله به: التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة].

لا شك أن التوحيد هو ملة إبراهيم، {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:١٣٠ - ١٣١].

فملة إبراهيم هي التوحيد، وهي دين الإسلام، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

ثم استدل على ذلك بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] ومعنى (يعبدون): يوحدون، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه ابن جرير الطبري وغيره عنه.

ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: الأول: توحيد الربوبية.

الثاني: توحيد الألوهية.

الثالث: توحيد الأسماء والصفات.

النوع الأول: توحيد الربوبية: هو إفراد الله عز وجل بالخلق والرزق والتدبير، وهو إفراد الله عز وجل بأفعاله سبحانه وتعالى، فالخالق هو الله وحده، والرازق هو الله وحده، والمحيي والمميت هو الله سبحانه وتعالى وحده، هذه هو توحيد الربوبية.

وهذا التوحيد يعترف به المشركون في الأعم الأغلب، كما أخبر الله عز وجل عنهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:٢٥] فهم يعترفون به، وإنما وقع الشرك عندهم في توحيد الألوهية.

النوع الثاني من التوحيد: هو توحيد الألوهية: وهو إفراد الله بالعبادة، يعني: أن يكون الله عز وجل هو معبود الإنسان وحده، بحيث لا يخضع إلا لله، ولا يخاف إلا من الله، ولا يرغب إلا في الله، ولا يتوكل إلا على الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله سبحانه وتعالى، فيفرده وحده سبحانه وتعالى بالعبادة.

النوع الثالث من أنواع التوحيد: هو توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا، ونفي ما نفاه الله عنه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.

وسيأتي معنا حديث مفصل في هذه الأنواع جميعاً.

هذا توحيد الألوهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>