للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأمور التي تتضمنها معرفة الدين]

معرفة الدين يتضمن ثلاثة أمور: الأمر الأول: الاستسلام لله بالتوحيد.

الأمر الثاني: الانقياد له بالطاعة.

الأمر الثالث: البراءة من الشرك.

والاستسلام معناه: الخضوع والذل والانقياد لله سبحانه وتعالى بالتوحيد أي: إفراده بهذا الذل والخضوع والانقياد، وهذا يقتضي ألا يتلقى إلا عن الله سبحانه وتعالى، وما أمر الله سبحانه به من طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وألا يتحاكم إلا إليه، وألا يعبد إلا إياه، وألا يذل ولا يخضع إلا له سبحانه وتعالى، وهو يقتضي تنفيذ أمره واجتناب نهيه؛ لأن المستسلم لله عز وجل ينقاد له، وإذا أمره بأمر نفذه، وإذا نهاه عن نهي اجتنبه، فهو يقتضي عمل القلب ويقتضي عمل الجوارح أيضاً.

والأمر الثاني: الانقياد له بالطاعة أي: الانقياد لله سبحانه وتعالى بالطاعة، والطاعة تنقسم إلى قسمين: طاعة الأمر تكون بالفعل، وطاعة النهي تكون بالترك، فطاعة الأمر مثل أمره بإقامة الصلاة فتكون طاعته بفعلها، وطاعة النهي تكون إذا نهى الله عز وجل عن أكل الربا فطاعته تكون بالترك، وهذا هو الانقياد، والانقياد هنا في الطاعة مأخوذ من الاستسلام لله سبحانه وتعالى بالتوحيد.

والأمر الثالث: البراءة من الشرك وأهله، أي: البراءة من كل خضوع وذل وتعبد لغير الله سبحانه وتعالى، وكل ذل وخضوع وتعبد لغير الله عز وجل فهو شرك بالله سبحانه، وسيأتي تفصيله إن شاء الله معنا في كتاب التوحيد، والبراءة هنا تكون من الشرك أي: من العقائد الشركية والأقوال الشركية والأفعال الشركية.

ومن أهله أي: المشركين؛ ولهذا تبرأ إبراهيم عليه السلام ومن آمن معه من الشرك ومن أهل الشرك فقال الله على لسانه: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف:٢٦ - ٢٧]؛ ولهذا حطم الأصنام بيده، وتبرأ من أهله فأعلن البراءة منهم.

قال: [وهو ثلاث مراتب] أي: الدين ثلاث مراتب، وتقسيم الشيخ أخذه من حديث جبريل عليه السلام؛ ولهذا ختم الحديث عن هذا الأصل بالحديث الطويل لجبريل، فهو حديث عظيم من أحاديث الأربعين التي جمعها الإمام النووي رحمه الله، وهي من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أعطي عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم وخواتمه ومفاتحه فهو يعبر بالتعبير القليل الذي يتضمن المعاني الكثيرة، وهذا معنى جوامع الكلم، فكلام النبي صلى الله عليه وسلم قليل لكنه كثير المعاني.

والحديث هو: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد)، وسيأتي معنا قراءته في آخر هذا الأصل.

وقد سأله عن ثلاث مسائل: سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، فأخذ الشيخ تقسيم المراتب منها وختم ذلك بقوله: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)، وهذا من الفقه، فأهل العلم يتأملون النصوص القرآنية والنصوص النبوية ويستخرجون منها الفوائد، فالتقسيمات التي يذكرها أهل العلم يأخذونها من الآيات والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمحاور الحديث تدور حول ثلاثة أسئلة أساسية السؤال الأول عن الإسلام، والسؤال الثاني عن الإيمان، والسؤال الثالث عن الإحسان، ثم ختمها بالسؤال عن أشراط الساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>