[الدعاء ودليله]
قال: [فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:١١٧]].
قوله: ((وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ)) الإله بمعنى المعبود.
وقوله: ((لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ)) وهذا هو حال كل من دعا غير الله عز وجل.
والدعاء هنا المقصود به دعاء العبادة، فإن الدعاء نوعان: دعاء المسألة، وهو ما يسأله الإنسان ويطلبه، مثل أن يقول: اللهم اغفر لي، اللهم أدخلني الجنة، فهذا دعاء المسألة.
النوع الثاني من الدعاء: هو دعاء العبادة.
والمقصود به أن يقوم الإنسان بالعبادة، فإذا قام بنوع من أنواع العبادة فحاله أنه في حال الدعاء، لأنه عندما يذبح مثلاً لله عز وجل فإنه في هذه الحالة يدعو ويطلب من الله عز وجل أن يتقبل منه، وأن يدخله الجنة، فهذه حالة دعاء.
وكلمة دعاء في الغالب عندما تطلق فالذي يتبادر إلى ذهن الإنسان دعاء المسألة، مع أن دعاء العبادة هو مقصود في كثير من الأدلة التي جاءت في إفراد الله عز وجل بالدعاء، قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [المؤمنون:١١٧] يعني: دعاء عبادة، كأن يصلي لغير الله عز وجل، ويصوم لغير الله، وينسك لغير الله، ويحج لغير الله، ويستغيث بغير الله، وإن كانت الاستغاثة من دعاء المسألة، ويذبح لغير الله، فهذه كلها من الدعاء، حتى لو كانت في ظاهرها لا تتضمن لفظة الدعاء، وإنما هي من أفعال الجوارح أو من أفعال القلوب.
قال: (الدعاء مخ العبادة)].
هذا الحديث رواه الترمذي وفي إسناده ضعف، والصحيح حديث آخر وهو: (الدعاء هو العبادة).
قال: [والدليل قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:٦٠]] فسمى الدعاء عبادة، قال: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)).
والمقصود بالدعاء في هذه الآية دعاء المسألة، والدعاء في الآية التي قبلها: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [المؤمنون:١١٧] هذا دعاء العبادة.
فقوله: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) هذه في دعاء المسألة.
وعرفنا أن هذا دعاء المسألة؛ لأنه قال: ((أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي)).