قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ودليل الخوف قوله تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:١٧٥]].
والخوف ينقسم إلى قسمين: الأول: خوف طبيعي ليس فيه شيء من الشرك، كالذي يخاف من الأسد مثلاً، أو يخاف من أمر طبيعي مما يخاف منه الناس في العادة، فهذا لا شيء على الإنسان فيه، لا يقال لإنسان خاف من أسد: إن هذا مشرك؛ لأن هذا خوف طبيعي، يعني: خلقه الله عز وجل في نفس الإنسان.
الثاني من الخوف: هو خوف التأله، وهو الخوف الذي يترتب عليه ذل وخضوع، ويقصد به إما الله عز وجل فيكون توحيداً، وإما غير الله عز وجل فيكون شركاً.
فخوف التأله مثل: الخوف من الجن أو الشياطين، أو خوف السر كما يسميه العلماء، وهو الخوف من تأثير قوة غيبية عليه ونحو ذلك، فهذه كلها تعتبر من الشرك الأكبر والعياذ بالله.
وهناك خوف لا يصل إلى الشرك الأكبر، لكنه يقدح في التوحيد وهو الخوف من العدو مثلاً، خوفاً يجعله يترك الواجب أو يفعل المحرم، مثل: من يخاف من الأعداء أو المنافقين أو نحو ذلك فيترك الواجبات الشرعية، كأن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو يترك الدعوة إلى الله، أو يترك الإصلاح، أو يترك أي عمل من الأعمال الفاضلة والصالحة.
أو يفعل محرماً، بأن يدفعه هذا الخوف من المنافقين ويجعله يرتكب محرماً، مثل: أن يحلق لحيته، أو أن يسبل ثوبه، أو نحو ذلك من الأفعال المحرمة أياً كانت، فهذا الخوف والعياذ بالله يعتبر من الشرك الأصغر، صحيح أنه لم يصرف عبادة لغير الله، لكن إذا أردت أن تعرف الشرك الأكبر فانظر إلى العمل، إذا صرفه المرء إلى غير الله فهذا شرك أكبر، وإذا لم يكن كذلك كان دون ذلك، يعني: يصرف عبادة لغير الله لكنه وقع في خلل، هذا الإنسان الذي يخاف من المنافقين أن يحصل له منهم أذى فيحلق لحيته، أو يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أنها من الواجبات، فهذا يعتبر من الخوف المحرم الذي يكون من الشرك الأصغر وليس من الأكبر، لكن لو خاف من غير الله عز وجل في أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فهذا لا شك أنه من الشرك الأكبر والعياذ بالله.
يقول الله عز وجل:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:١٧٥] يعني: يخوفكم من أوليائه، فيترتب على هذا الخوف ترك شيء من الواجبات، أو فعل شيء من المحرمات.