وأول ما أمر به وفرض من الأعمال الصلاة، وقد فرضت بعد عشر سنين، وكانت هذه العشر السنين كلها دعوة إلى التوحيد، وإلى التعلق بالله سبحانه وتعالى، وإلى ربط كل الحياة بتوحيد الله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أهمية التوحيد في الدعوة، وأن كثيراً من الناس الذين يهونون من شأن الدعوة إلى التوحيد وإلى العقيدة الصحيحة لم يفقهوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بصورتها الصحيحة، وهذا لا يعني أنهم لم يكونوا يتعبدون، فقد كان يصلي عليه الصلاة والسلام، وكان يتصدق، لكنها لم تكن مفروضة على الناس، فقد كانوا يصلون، وكانوا يتصدقون، وكانوا يعملون كثيراً من الأعمال الصالحة، مثل: بر الوالدين، والإصلاح، والدعوة ونحو ذلك، لكنها لم تكن فرائض إلزامية للناس، وأول عمل فرض على الناس وألزموا به الصلاة، وكان ذلك بعد عشر سنين من الدعوة.
[وبعد العشر عرج به إلى السماء].
ومن المعلوم أن حادثة الإسراء والمعراج من الحوادث الشهيرة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها دلالات عقدية، ومسائل فقهية كثيرة.
[وفرضت عليه الصلوات الخمس].
أي: عندما عرج به إلى السماء، وهذا يدل على أهميتها؛ لأنها فرضت في مكان خاص ليست كغيرها من الأعمال التي كان يأتي الملك وينزل بالقرآن على الرسول الكريم، وإنما فرضت عليه في مكان خاص مما يدل على منزلتها ومكانتها، ولهذا أول ما يحاسب عليه العبد من العمل بعد التوحيد هو الصلاة، فإذا استقامت استقام دينه، وإن لم تستقم فإن دين الإنسان يكون فيه خلل.