للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير ممن يدعي أنه عيسى بن مريم أو يرى الملائكة ونحو ذلك]

السؤال

حضر بجواري شخص يدعي أنه عيسى بن مريم! نرجو التحذير.

الجواب

يبدو أن هذا الشخص مريض ولا تستغربوا من حصول مثل هذه الحالات فقد اتصل بي أحد الإخوة وطلب أن يقابلني، وذكر لي أن هناك شخصاً قد يكون فيه صلاح وفيه خير، وقد يكون إنساناً سيئاً.

وهذا الشخص يقول لهم: أنا أرى الملائكة بعيني، ويقول: إنه إذا دخل المسجد أشار وقال: هذا أحد الملائكة يمشي، أراه بعيني، فقال له: لماذا نحن لا نرى الملائكة؟ قال: كل واحد على حسب عمله فعندما يكون عملك ضعيفاً لا ترى الملائكة.

وكان يقول لهم: إنني مستجاب الدعوة، ويقول لهم: إنني إذا دعوت الله عز وجل فمباشرة تحصل الدعوة، وأنه ذات مرة لم يكن معه مال فدعا الله عز وجل فجاءته ثلاثمائة ريال! الشاهد أنه يوجد كثير من الناس يقول ويدعي هذا، وقد يكونون مرضى، وبعضهم قد يكون سيئ النية، وبعضهم قد يكون منحرف العقيدة؛ ولهذا يؤسفني أن أجد بعض الشباب الطيبين يصدقون أي دعوى.

يذكر شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه التوكل والوسيلة أن بعض المغفلين ممن ينتسب إلى الصلاح ولا يطلب العلم قال: كنت في مأزق وجاءني لص، فرأيتك - يعني: شيخ الإسلام - تطير في السماء حتى جئتني وأنقذتني من هذا اللص، يقول شيخ الإسلام: ولم آته من السماء، وإنما الشيطان تشبه بي -يعني: بـ شيخ الإسلام - وجاءه طائراً حتى يفسد عليه دينه.

وقال شيخ الإسلام في رسالة العبودية: إن الشيخ عبد القادر الجيلاني كان يوماً من الأيام يصلي الليل على سطح منزله، ففجأة رأى نور من السماء ساطعاً، أنار الأفق، وإذا هو بشخص يتكلم يقول: يا عبد القادر! أنا ربك، اعمل ما شئت فقد غفرت لك، فقال: كذبت أنت الشيطان، فذهب النور وأصبح مثل الرماد والدخان.

فعرف الشيخ عبد القادر أن هذا من الشيطان؛ لأنه قال له: اعمل ما شئت فقد غفرت لك؛ ولأنه يعرف الشريعة والدين، فالأنبياء والصحابة أفضل منا، ومع هذا لم يحصل لهم ذلك، ففعل الصحابة أمر طبيعي، صلاة وصيام وجهاد وذكر لله ودعاء حتى ماتوا، ولا أحد ادعى مثل هذه الدعاوى، والتوسع فيما يتعلق بالكرامات لا شك أنه مقدمة لمثل هذه الأحوال؛ ولهذا ينبغي أن نحذر من هذه الخرافات، وأن نحذر من الأمور المخالفة لأساسيات الدين، وأن نتعلم الدين على وجهه الصحيح، وهكذا الحال بالنسبة للأخوات ينبغي الحرص على هذا الموضوع، وبالذات أن دعاوى التصوف تنتشر في صفوف النساء وفي صفوف عموم الناس انتشاراً كبيراً جداً؛ لأنهم يأتون للناس من قبل العاطفة، ومن قبل الجوانب النفسية، ويؤثرون فيهم تأثيراً كبيراً، ويدخلون لهم الخرافات من خلال هذه العواطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>