يعني: هذا أحد استعمالات الرب، فإن الرب يأتي بمعنى المربي ويأتي بمعنى الخالق أيضاً، ويأتي بمعنى المدبر لأحوال الإنسان، ومن استعمالاته المعبود أيضاً، وإن كان الأقرب للفظة المعبود هو الإله، ولهذا سيأتي معنا أن الإله معناه المعبود، لكن أحياناً قد ترد بعض النصوص الشرعية يستخدم فيها لفظ الرب ويراد به المعبود سبحانه وتعالى.
فهذه الآيات توصل إلى إفراد الله عز وجل بالعبادة، ولهذا فإن التقسيم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات هو تقسيم فني، ذكره العلماء لتقريب العلم، وإلا فإن هذه الأنواع متداخلة، ولا يتصور مثلاً أن إنساناً يؤمن بالربوبية كاملة ولا يؤمن بالألوهية، فكل من أشرك في الألوهية فلا بد أن يكون لديه قدح في الربوبية، أو في الأسماء والصفات.
ولا يتصور أن إنساناً لا يؤمن بالربوبية ويكون مؤمناً بالألوهية، ولهذا بينهما تداخل قوي، والمشركون الذين يقرون بالربوبية هم يقرون بالربوبية في الجملة، أما عند التفصيل فنجد أنهم يصفون الملائكة بأنهم بنات الله، ونجد مثلاً: أنهم ينسبون إنزال المطر إلى (الأنواء) النجوم، ونحو ذلك من الشرك في الربوبية.
إذاً: ينبغي أن نلاحظ أن هذا التقسيم الذي يذكره أهل العلم لأنواع التوحيد لا يعني أن كل قسم منفصل عن القسم الثاني بشكل كامل؛ لأنه علم واحد وعقيدة واحدة، وأراد العلماء بهذا التقسيم أن يبينوا المعاني حتى يتعلم الإنسان العقيدة، وإلا فإنها نوع واحد وهي: متداخلة، ولهذا الرب يأتي بمعنى المعبود، والإله يأتي بمعنى المعبود، ويأتي الرب بمعنى الخالق والمدبر، فينبغي ملاحظة ذلك.
قوله:((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)) فربكم هنا جاءت بمعنى المعبود، ثم قال:((الَّذِي خَلَقَكُمْ)) هذا وصف لله سبحانه، إلى آخر الآيات التي تبين أن الله عز وجل هو مدبر هذا الكون وخالقه.