للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم صعد بهم إلى رؤوس الجبال، ولم تزل الحبشة تضرب رأس الفيل محمود ومراقه لينهض نحو البيت، وهو لا يفعل حتى أرسل الله عليهم الطير الأبابيل مع كل طير ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، كل حجرة بقدر العدسة يلقيها على رأس أحدهم فتخرج من دبره، ويتساقط لحمه، ولما أحس أبرهة بالشر ركب في نفر من أصحابه وسار على وجه، والطيور على رؤوسهم مثل الخطاطيف، فجعلت ترمي واحداً واحدا وهم يتساقطون في الطرق، ورمت أبرهة فجعل يتساقط جسده شيئاً فشيئا حتى هلك، ولم ينج منهم سوى واحد دخل على النجاشي فأخبره بالخبر والطير على رأسه، فلما فرغ ألقى عليه الحجر، فخرقت البناء ونزلت على رأسه فألحقته بهم. وعظمت قريش، وتمزقت الحبشة، وبقيت كنيسة أبرهة خربة حولها الوحوش والحيات.

وذكر في "حياة الحيوان" أن الأبابيل تعشش وتفرخ بين السماء والأرض. وذكر في "المعالم" أن عبد المطلب لما دخل البيت، أخذ بحلقة الباب وجعل يقول:

يا ربَّ لا أرجو لهم سواكا ... يا ربِّ فامنع منهم حماكا

إنَّ عدوَّ البيتِ من عاداكا ... امنعهم أن يخرّبوا قراكا

وذكر فيه أيضاً: أن النجاشي ملك الحبشة بعث إلى أرض اليمن رجلاً اسمه أرياط فملك اليمن ثم ظهر أبرهة، وقتل أرياط واستولى على اليمن من قبل النجاشي، فكان منه ما كان وبعث الله إلى أبرهة داء في جسده فجعلت تتساقط أنامله، كلما سقطت أنملة تبعها دم وقيح حتى وصل إلى صنعاء، وعجل الله بروحه إلى النار.

وقال مقاتل: كان معهم فيل واحد، وقال الضحاك: ثمانية، وقيل: إثنا عشر سوى الفيل الأعظم. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت طير أبابيل لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب، وقال عكرمة: لها رؤوس كرؤوس السباع، وقال الربيع: لها أنياب كأنياب السباع، وقال سعيد بن جبير: طير خضر لها مناقير صفر، وقال قتادة: طير سود جاءت من قبل البحر فوجاً فوجا مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجران في رجليه وحجر في منقاره، لا يصيب شيئاً إلا هشمه، وقالت عائشة، رضي الله عنها: أدركت قائد الفيل وسائقه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس.

وفي "تاريخ ابن الوردي" أن بين هبوط آدم عليه السلام ومولده صلى الله عليه وسلم ستة آلاف وثلاثاً وستين سنة. وفي "أخبار الدول" عن الشيخ محيي الدين يروي عن ابن عباس: أنه كان من آدم عليه السلام إلى نبينا صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف وخمسمائة وخمس وسبعون سنة.

وذكر محمد بن جرير الطبري: أن من آدم إلى انقضاء الخلق سبعة آلاف سنة، ويؤيده ما روي في الحديث "أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة وأن في آخرها ألفاً" وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبرائيل قال: "مضى من الدنيا ستة آلاف وسبعمائة" وعن أبي هريرة رضي الله عنه، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ كم خلق الدنيا فقال: "أخبرني ربي عز وجل أنه خلقها منذ سبعمائة ألف سنة إلى اليوم الذي بعثني فيه رسولاً إلى الناس" وذكره البلخي وقال: يدل على ذلك ما جاء في الخبر، أن إبليس عبد الله تعالى قبل أن يخلق آدم بخمسة وثمانين ألف سنة، وأنه خلق بعدما خلقت السماوات والأرض من المدد ما شاء الله تعالى وجاء في الحديث "أن كل شيء خلقه الله تعالى كان قبل آدم، وأن آدم بعد إيجاد الخلق لأن خلق آخر الأيام، التي خلق فيها الخلق" وزعم بعضهم أنه كان قبل آدم في الأرض خلق لهم لحم ودم، قيل: إنهم كانوا خلقاً، فبعث إليهم نبياً اسمه يوسف فقتلوه، وكان إبليس منهم فأسره الملائكة فعاش فيهم وصار يتخلق بأخلاقهم إلى أن كان من أمره ما كان، وعاد إلى فطرته.

<<  <   >  >>