للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنت كعب، كانت تحت وهب الأسلمي، فولدت له حبيب، ومات وهب فتزوجها زيد بن عاصم فولدت له عبد الله وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب. في رواية قالت أم عمارة: كان والداي حبيب وعبد الله مع عمرو بن العاص في عمان، فلما عاد بعد وفاة رسول الله اعترضهم مسيلمة فنجا عمرو وقبض عل ولدي حبيب وعبد الله، فقال مسيلمة لحبيب: أتشهد أني رسول الله؟ فقال: لا اسمع، فحسب عنده، ثم قال لعبد الله كذلك، وحبسه، ثم قال لحبيب: أتشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم، فأمر به فقطعت أعضاؤه، وأحرق بالنار، ولما جهز الصديق رضي الله عنه خالد بن الوليد بالعساكر لحرب مسيلمة الكذاب خرجت معه أم عمارة، قالت: فلما انتهينا إلى الحديقة بعد قتال شديد، وجهد عظيم، واقتحمنا الحديقة فضاربناهم ساعة وجعلت قصد عدو الله مسيلمة لأن أراه وخرس القوم فلا صوت إلا صوت السيوف حتى بصرت بعدو لله، فشددت عليه، وعرض لي رجل منهم فقطع يدي، فوالله ما عرجت عليها حتى انتهيت إلى الخبيث وه صريع، وأجد ابني عبد الله قد قتله، وفي رواية ابني عبد الله يمسح سيفه بثيابه، فقلت: اقتله؟ قال: نعم يا أماه، فسجدت لله شكراً، وقطع دابر الكافرين، فلما انقضت الحرب، جعت إلى مكاني فجاءني خالد بن الوليد بطيبٍ من العرب فداواني بالزيت المغلي، وكان والله، أشد علي من القطع وكان خالد كثير التعاهد لي، حسن الصحبة، ويعرف حقنا، ويحفظ فينا وصية نبينا صلى الله عليه وسلم.

وعن محمد بن يحيى بن حيان قال: جرحت أم عمارة، يومئذٍ اثني عشر جرحاً بين ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وقطعت يدها، وكان أبو بكر رضي الله (عنه) يأتيها يسأل عنها.

وتوفيت في خلافة عمر رضي الله عنه وقيل: إن قاتل مسيلمة هو وحشي لأنه كان يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية، يعني حمزة رضي الله عنه وشر الناس في الإسلام، يعني مسيلمة، وقيل: قتلهما بحربة واحدة، وقيل: بل قتله معاوية رضي الله عنه وقيل: أبو دجانة رضي الله عنه.

قال في البخاري قال وحشي: خرجت مع الناس فإذا رجل قائم في ثلمة جدار جملاً أورق سافر الرأس فرميته في حربتي، فوضعتها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، ووثب إلى رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته، فقالت جارية على ظهر بيت: واَ أمير المؤمنين قتله العبد الأسود، وفي المنتقى: أشك أن الأنصاري أبو دجانة رضي الله عنه.

وكان مسيلمة الكذاب صاحب نيرنجات وكان يدعي النبوة، ويظهر أنه أنزل عليه مثل القرآن ومن خلطه:

يا ضفدعُ نقي كمْ تنقينَ ... أعلاكِ في الماءِ وأسفلكِ في الطينِ

لا الشربَ تمنعينَ ولا الماءَ تدرينَ

ومن آراجيزه، لعنة الله: أخرج لكم حنطة وزوانا، ورطباً وتمراً..

[٤٥]

أسماء رضي الله تعالى عنها

بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي شقيقة عبد الله بن الصديق، تزوجها الزبير رضي الله عنه فولدت له عبد الله، وكان يقال لها: ذات النطاقين.

لقبها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولدت عروة، رضي الله عنه بن الزبير رضي الله عنه أحد الفقهاء السبعة، قيل: أن أسماء الفقهاء "السبعة" إذا كتبت أسماؤهم، ووضعت في الحبوب منع السوس ببركتهم، وهم: عروة رضي الله عنه وعبيد الله رضي الله عنه وقاسم رضي الله عنه وسعيد رضي الله عنه وأبو بكر رضي الله عنه، وسليمان رضي الله عنه وخارجة رضي الله عنه.

وعاشت أسماء رضي الله عنها إلى أن قتل ولدها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وكان كثير العبادة، مكث أربعين سنة لم ينزع الثوب عن ظهره، قتله الخيث الحجاج سنة ثلاث وسبعين، ثم صلب جثته عل عود وبقي أياماً معلقاً، فدخلت أمه أسماء على اللعين الحجاج، فقالت له: أما آن لهذا الركب أن يترجل؟ وقيل: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فقال الحجاج: دعوها وجيفتها!.

ولما رأته معلقاً حاضت ودر ثديها، فقالت: حنت إليه مراتعه ومراضعه.

كانت تقول: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بجثة عبد الله، فلما أنزلوه من الخشبة غسلته بماء زمزم، وكفنته ودفنته وماتت بعده بأيام يسيرة.

وكانت قد أسلمت قديماً وتزوجها الزبير، رضي الله تعالى عنه، وهاجر بها إلى المدينة، وهي حامل بعبد الله، فوضعته بقبا، وكف بصرها في آخر عمرها، وكانت مدة عمرها مائة سنة، واله أعلم.

<<  <   >  >>