ومن فضائح اليهود: ذكر في كتاب "تخجيل من حرف الأناجيل": أن قدماء اليهود عبدة الكواكب والزهرة، منهم عبدوا العجل الذي صنعه السامري ومنهم طائفة تعتقد أن لله مضاد من خلقه وهو فاعل الشر، وطائفة تزعم أن عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيان مرسلان لقومهما خاصة، وطائفة تقر بنبوة موسى وهارون ويوشع، وتجحد بنبوة ما عداهم من النبيين، وطائفة تعترف بنبوة [ال] كل ما عدا عيسى عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتزعم أن المسيح لم يبعث بعد وسيأتي.
ومن فضائحهم: زعمهم أن الله حين أكمل خلق العالم قال تعالى حتى نخلق بشراً مثلنا، فخلق آدم. ولذلك اعتقد اليهود أن الله في صورة شيخ كبير، وأنه جالس على كرسي والملائكة قيام بين يديه تعالى الله عن ذلك. ومن فضائحهم: زعمهم أن الله لما خلق آدم ورأى معاصي نبيه كثرت قال: لقد ندمت إذ خلقت آدم فأرسل الطوفان، فأباد به من على وجه الأرض، ثم ندم وقال: لا أعود أفعل ذلك! وهل يخفى على علام الغيوب ما كان وما سيكون؟ قاتلهم الله إنى يؤفكون ما أعماهم عن الهدى! وغلى هذا أشار صاحب الهمزية بقوله رضي الله عنه وأرضاه فقال:
فاسألوهم أكان في مسخهم نسخ ... لآياتِ اللهِ أمْ إنشاءُ
وبداء في قولهم ندمُ الله ... على خلق آدم أم خطَّاءُ
[١١]
إيشاع بنت فاقوذا
هي زوجة زكريا عليه السلام وأخت حنة أم مريم عليها السلام بنت عمران، تزوجها زكريا عليه السلام ولم تحمل منه وكانت عاقراً، وبلغت من العمر كثيراً حتى انقطع حيضها، وكانت أكبر من أختها حنة، وقيل أصغر منها.
ذكر في "المعالم" في تفسير سورة "كهيعص" قوله تعالى: (قال ربِّ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقيا) أي قال زكريا: عودتني الإجابة فيما مضى، وقوله تعالى:(وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً) أي: ابناً، وقوله تعالى:(يرثني ويرث آل يعقوب..) قال الحسن: يرثني مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة والحبورة لأن زكريا عليه السلام كان نبياً مرسلاً، ورأس الأحبار. وقوله تعالى:(يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى..) وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه لم تلد العواقر مثله. وقوله تعالى:(قال رب اجعل لي آية..) أي دلالة على حمل امرأتي، لأنها عاقر وقد كبرت وأسنت قال تعالى:(آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) أي: صحيحاً سليماً من غير بأس ولا خرس، وكان الناس ينتظرون خروجه من وراء المحراب، فخرج عليهم متغيراً لونه، فأنكروه وقالوا له: ما لك؟ فكتب لهم في الأرض (.. أن سبحوا بكرة وعشيا ... ) لأنه كان يخرج عليهم بكرة وعشياً، فلما كان وقت حمل امرأته إنشاع ومنع من الكلام خرج إليهم وأمرهم بالصلاة [إشارة] ، ولماتم حملها ولدت يحيى عليه السلام ولما صار له من العمر ثلاث سنين أتاه الله الحكم صبياً، قرأ التوراة وهو صغير وذكر في "تاريخ ابن الوردي": أن إيشاع ولدت يحيى عليه السلام قبل ما ولدت مرين عليها السلام عيسى بستة اشهر، فكان مولد يحيى سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الاسكندر، ولهبوط آدم عليه السلام خمسة آلاف، وخمسمائة وأربع وثمانين.
وكان لهردوس حاكم اليهود بنت أخ، فأراد أن يتزوجها حسبما هو جائز في دين اليهود، فنهاه يحيى عليه السلام عن ذلك، فطلبت أم البنت من هردوس قتل يحيى فامتنع، فعاودته هي والبنت وألحت عليه، فأمر بذبح يحيى عليه السلام فذبح لديهما قبل رفع المسيح بمدة يسيرة.
وذكر في "تاريخ الدول": ولد يحيى قبل عيسى بستة اشهر، ونبئ وهو صغير، وكان لليهود ملكاً اسمه آجب، وقيل: هردوس، وكان يكرم يحيى، وكان يحب بنت أخيه. وقيل: بنت زوجته، فشاور يحيى بأن يتزوجها، فمنعه، فبلغ [منعه] أم البنت، فعمدت حين جلس هردوس للشرب وزينت بنتها وأرسلتها إلى هردوس لتسقيه الخمر، فإذا راودها تأبى حتى يعطيها رأس يحيى في طشت، ففعلت، ولما راودها أبت وطلبنا منه ذلك، فبعث الملعون إلى يحيى، وهو يصلي في محراب داود عليه السلام فذبحوه وحملوا رأسه في طشت، وأدخلوه على هردوس، والراس يتكلم ويقول: لا تحل لك، ووضعوه قدام تلك العاهرة، ثم أمر هردوس بدفنه، والدم يغلي منه ويفور، فوضعوه في حفرة، في دار هردوس.