وهي طويلة، ومثلها قول عبد الملك بك بن أمين بك يرثي والدي، ومنها:
فلا خير في أوقاته لذوي النهى ... إذا كان خير الله في لوحه ممحو
كريم نشا بالمكرمات فعمره ... تناهى بكسب الخير من بعضه النصح
قضى فقضى من بعده العلم والحجا ... ومن أفق ليل الجهل قد أفقد الصبح
وقولي من قصيدة أخرى أرثي أحد أولاد العم فمنها:
يعز لعيني أن تمل من البكا ... عليه وقلبي أن يمل من الصبر
فمن لمريد الفقه والنحو بعده ... ومن لذوي التسآل والفهم والفكر
فيا قلب لا تجزع ونادي تأسفاً ... لقد غاب في بطن الثرى غرة البدر
ثلاث عشرة سنة، فأشهد عليه أنه بلغ وأدرك الحلم فاستلم حلب ومضافاتها، والمرجع إلى إقبال الأسود الخصي، وتوفيت ضيفة خاتون بالحمى والقرحة، ودفنت في قلعة حلب وعاشت نحو تسع وخمسين سنة وكانت من أصحاب الرأي والكمال.
[١١٤]
ملكة بنت العادل أبي بكر بن أيوب
تزجها الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف صاحب حلب قبل أختها ضيفة، وأصدقها خمسين ألف دينار، وكانت من أجمل نساء زمانها وأحبها وشغف بها، فولدت له الملك المظفر محمود وقيل: كان اسمها غازية، وماتت سنة تسع وستمائة.
[١١٦]
ربيع بنت نجم الدين أيوب
وهي أخت السلطان صلاح الدين يوسف لأمه وأبيه كانت من أهل الصلاح والدين، تكرم العلماء، وتنعم على الفضلاء، أراد أن يزوجها الملك الكامل بن العادل لوزيره الفاضل فامتنعت وأبت، وهي التي بنت المدرسة الحنبلية في جبل الصالحية، وجعلت لها أوقافاً، وجعلت للمدرس كل يوم درهمين وللمعيد درهماً، وللطلبة كل واحد نصف درهم، ويكون طلبة العلم عشرين، استمرت المدرسة زماناً إلى أن انقرضت دولة الأيوبيين فلم تبق على الترتيب وانهدمت، وتوفيت ربيع خاتون سنة ثلاثة وأربعين وستمائة، وقد جاوزت الثمانين سنة، ولم يسقط ضرس من أضراسها.
[١١٧]
شجر الدر جارية الصالح أيوب
وقيل: زوجته، ولفرط جمالها سماها الصلح شجر الدر، وحظيت عنده وأحبها، ولم تحمل منه، وقيل: ولدت له ولداً سماه خليل ومات، وهو صغير ولما مات الصالح أيوب سنة سبع وأربعين وستمائة، فأحضرت شجر الدر فخر الدين بن الشيخ، ومحسن الطواشي، وجمعوا الأمراء من وراء حجاب، وقالت لهم: السلطان يأمركم أن تحلفوا لولده المعظم، فإنه عهد له بالملك من بعده وجعل أتابكه ابن الشيخ فخر الدين، ويأمركم أن تحلفوا أيضاً لأتابكه، فحلفوا له، ثم أظهرت شجر الدر موت الصالح أيوب. بعدما أرسلت واستدعت المعظم ابن الصالح أيوب. وكان في مدينة كيفا، وشاع موت الصالح فتقدمت الإفرنج إلى جهة مصر، وطمعوا في المسلمين، ووقعت وقعة عظيمة، وقتل فخر الدين بن الشيخ مستهل رمضان، ثمة نصر الله المسلمين، وأخذوا من الإفرنج اثنين وثلاثين مركباً وهرب الإفرنج. ثم قدم المعظم وبايعوه، وجددوا البيعة بمصر، وذلك سنة سبع وأربعين وستمائة وتجهز بالعساكر من مصر سنة ثمان وأربعين وستمائة وحارب الإفرنج وكسرهم. وقتل من الإفرنج سبعة آلاف ومن المسلمين مائة، وأسر ملك الإفرنج ثم أطلقه، وشرع المعظم في إبعاد أمراء أبيه، وتقرب غيرهم فمقتوه ثم قتلوه، فأقامت بالمملكة شجر الدر، وخطب باسمها، وضرب السكة باسمها، وكان نقش السكة: المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل.
وجعلت علامتها إلى التواقيع والمناشير: والدة خليل. وصار أتابك العساكر عز الدين أيبك. ثم إن فرنس ملك الإفرنج تقدم إلى نوابه وسلم دمياط للمسلمين، وأطلق فرنس. وفي ذلك يقول ابن مطروح:
قل للفرنسيس إذا جئته ... مقال صدق عن قؤول نصيح
أتيت مصر تبتغي ملكها ... تحسب أن الزمر يا طبل ريح
وكل أصحابك أوردتهم ... بحسن تدبيرك الضريح
خمسون ألفاً لا ترى منهم ... غير قتيل أو أسير جريح
وقل لهم إن أضمروا عودة ... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح
دار ابن لقمان على حالها ... والقيد باق والطواشي صبيح