للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، رضي الله عنهم، كانت من العابدات، الصالحات القانتات، ولها كرامات واضحة، وأسرار لائحة، توفيت سنة ثمان ومائتين، ودفنت في مصر، وقبرها هناك يزار، ولها في الموصل مرقدان في مسجدين، ويعرف المسجد الذي يعزى إليها بمسجد السيدة نفيسة وذكر في الطبقات: انه إذا أحد نذر شيئاً لله، وثوابه إلى السيدة نفيسة ونوى حاجته قضيت ببركتها في عاجل الحال وإن كان يصعب قضاؤها فإن الله يسهل عليه ذلك الأمر، وإذا انقضى أمره ومطلبه فيجب عليه أن يوفي بنذره لقوله تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً (، ذكر بعضهم أن السيدة نفيسة كان زوجها رجلاً من أبناء عمها، فكانت إذا أمسى المساء تتطيب وتلبس أفخر ثيابها، وتعرض نفسها على زوجها، فإن كان له بها حاجة قضتها واغتسلت، وعادت إلى عبادتها، إن لم يكن له بها حاجة نزعت ثيابها الناعمات، ولبست الثياب الخشنة، وأقامت ليلها بالعبادات إلى الصباح. وكانت تقول: نحن آل بيت النبوة أحق بالعبادة من غيرنا أن القرآن نزل على جدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكانت تقول: ويل لمن عصى ربه وخالف أمره وأعرض عن ذكره واتبع هوى نفسه وكانت تقول: الطاعة قلب الإيمان والعبادة جسده، والزهد رداؤه، والصدق حجته والإخلاص بهجته، والعفو عمن أساء أجمل وأحسن بالمؤمن لقوله تعالى (وأن تعفوا أرب للتقوى (والله أعلم، ومن كلامها: العبد الطائع حجة على العبادة العصاة. ومن إملاتها: اللهم إني أعوذ بك من كلام السوء، وفعل السوء، ومرام السوء، وجار السوء، اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز، ولا إلى أحد من خلقك فأضيع. اللهم ألهمني رشدي، وأحسن رفدي، وقني عثرتي واغفر زلتي، وقني شر وساوس الشيطان، وأجرني منه يا رحمن لا يكون له علي سلطان، وصلى الله على سيدنا محمد صاحب الشريعة والبرهان، آمين وروى الشيخ أبو الحسن عن السيدة نفيسة أنها قالت: إذا واظب المؤمن على قراءة (قل يا أيها الكافرون (دبر كل فريضة ثلاث مراتٍ أماته على الإيمان الكامل. ومن قرأ (سورة الإخلاص) دبر كل صلاة مرة أمن وسواس الشيطان، وكان ممن أخلص نيته وعمله الله تعالى. وذكر في كتاب "الدار النظيم": قال صلى الله عليه وسلم "إن في القرآن سورة تدعى العزيزة عند الله ويدعى صاحبها الشريف عند الله، تشفع يوم القيامة لصاحبها أكثر من ربيعة ومضر ". قالوا: يا رسول الله أي سورة؟ قال: (سورة ليس~) . وقال لصلى الله عليه وسلم: "من بقراءة (قل يا أيها الكافرون (ومن أراد النجاة من عذاب القبر فعلته بقراءة (تبارك الذي بيده الملك (ومن أراد النجاة من شر الحساب فعليه بقراءة المعوذتين ومن أراد النجاة من عطش يوم القيامة فعليه بقراءة (الفاتحة) ومن أراد الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم فعليه بقراءة (إنا أعطيناك الكوثر) . وهكذا وجدته في هامش كتاب"المصابيح" والله أعلم.

[١٠٠]

مَيْسُون بِنْتُ َبْحدَل

كانت جميلة الأوصاف حسنة الأطراف، فائقة الجمال، نظمها السحر الحلال. وهي من بادية العرب، ومن أهل الحسب والنسب، فخطبها معاوية، رضي اله عنه وتزوجها وأصدقها عشرين ألف درهم، ودخل بها فحملت منه بيزيد، وهي من بني كلاب الإنجاب ولما تم حملها ولدت يزيداً، زاد الله عقابه وأقامت عند معاوية نحو ثلاثة أعوام، فدخل يوماً معاوية عليها وهو يتجسس فوجدها تنشد شعراً:

لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي ... أَحبُّ إلَيَّ من لُبْسِ الشَّفُوفِ

وَبَيْتٌ َتْخُفقُ الأرْيَاحُ فِيه ... أَحَبُّ إَلَّي مِنْ قَصْرٍ مَنِيفٍ

وَبكر يتبعُ الأظعان صعبٌ ... أحَبّ إِلَّي مِن بغْل زَفُوفِ

وَكْلبٌ ينبحُ الأضيَافَ دُوِني ... أحَبُّ إلَّي من هرَّ أليفِ

وخرقُ مِن بَنِي عَمَّي ثَقيف ... أحبُّ إلَّي من عِلج عَنِيف

فدخل معاوية، رضي الٌله عنه عليها وقال لها: ما رضيتني يا ابنة بجدل حتى جعلتني علجاً عنيفا؟ الحقي بأهلك. وطلقها، فمضت إلى أهلها وأخذت معها ولدها يزيد. وأقام مع أمه، وتفصح وشعر ببادية بني كلب إلى أن كبر وتضعضع عاد إلى أبيه، وماتت أمه ميسون في خلافة معاوية رضي الًله عنه وقيل: إنها توفيت في خلافة ابنها يزيد، وقيل غير ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <   >  >>