وهي أخت عبد مناف الذي هو جد آمنة أم النبي كانت كاهنة قريش، ولدت زرقاء شيماء سوداء، فأراد أبوها زهرة أن يدفنها وهي حية لأن العرب كانت تئد بناتها، وكان عمرو بن نفيل يحيى الموءودة، يأخذها من أبيها فيربيها، فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت رفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها؟ وكان صعصعة جد الفرزدق يصنع كذلك، فلما ولدت سودة أرسلها أبوها زهرة مع رجل من العرب إلى الحجون ليدفنها فسمع الرجل هاتفاً يقول:
لا تئد الصبية ... وخلها البرية
فكف عنها وأخبرها وأباها فتركتها ورباها، فلما كبرت صارت كاهنة قريش فقالت يوماً لبني زهرة: أعرضوا علي بناتكم! فعرضوهن، فجعلت تقول في واحدة قولاً ظهر بعد حين، فلما عرضت عليها آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لها تلدين نذيراً، له شأن وبرهان منيراً، فبلغ كلامها عبد المطلب فاختارها لولده عبد الله فزوجها له فولدت البشير النذير، والسراج المنير نبيناً محمداً صلى الله عليه وسلم.
ومثله ذكر في"السيرة الحلبية": أن أبا طالب قبل أن يصل إلى بحيرا نزل بدير فقال صاحب الدير: ما هذا الغلام منك؟ فقال: ابني: قال له: ما هذا ابنك، وما ينبغي لهذا أن يكون له أب حي، هذا نبي! فقال أبو الطالب: وما البني؟ قال: الذي يأتيه الخبر من السماء فينبىء أهل الأرض. قال أبو طالب: اله أجل مما تقول: قال: فاتق عليه اليهود. ثم خرج حتى نزل براهب آخر، أي صاحب دير، فقال له: ماهذا الغلام منك؟ قال: ابني فقال مثل الأول، قال ولم قال لأن وجهه وجه نبي وعينه عين نبي. وذكر في "شرح ذات الشفاء": كان بسوق عكاظ عراف يؤتى إليه بالصبيان ينظر إليهم، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى خاتم النبوة والحمرة التي بعينيه صاح: يا معشر العرب، اقتلوا الصبي، فليقتلن أهل دينكم، وليكسرن أصنامكم، وليظهرن أمره عليكم، إن هذا لينتظر أمراً من السماء. وجعل يعزي بالنبي صلى الله عليه وسلم فلم يلبث أن وله وذهب عقله، ومات ذلك العراف، والعراف هو المنجم. ذكر في كتاب"نصاب الاحتساب": سئل الفضيلي عن قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد": صلى الله عليه وسلم فقال: الكاهن الساحر فقيل له: هذا الرجل أو الإمرأة تقول أنا علم المسروقات، هل يدخل تحت هذا الخبر؟ قال: نعم، ثم قيل له: فإن قال هذا الرجل: أنا أخبر عن أخبار الجن؟ قال: ومن قال هكذا فهو ساحر كاهن، ومن صدقه (أنه يعلم الغيب) فقد كفر لأن إخباره يقع على الغيب، والغيب لا يعمله إلا لله تعالى ألا ترى قوله تعالى (: ... فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب.... (الآية فعلم الغيب لا يعمله جني ولا إنسي. انتهى.