للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أم الخيرات كانت أوحد بنات الملوك، بالكرم، وفعل الجميل، ولما بلغها سنة تسعمائة وتسع وستين أن أهل مكة يشتكون قلة الماء، وقد يبست العيون والآبار، وأن الحاج يقاسون العذاب الأليم من شدة العطش، طلبت صاحبة الخيرات فأذن لها، فأمرت دفتردار مصر إبراهيم بك بن تغري ويردي المهمندار، وكان قد عزل وأمر بالتفتيش عليه، فلما أمرتاه بذلك عفا السلطان سليمان عنه، وأعطته خمسين ألف دينار لعمل العيون، وعشرين ألف دينار لقضاء مهماته، فركب في البحر، وتوجه إلى مكة، فأول ما بدأ حفر الأبار ليكثر ماؤهم، ثم شرع سنة تسعمائة وسبعين في الكشف عن ذيول عين عرفات وأقام لهاذ العمل نحو ألف نفس من العمال والبنائين والمهندسين والحدادين، وعين لكل فرقة قطعة من الأرض إلى أن وصل إلى عمل زبيدة الذي عجزت عنه فلما وصلوا إلى الصخرة مائة حمل من الحطب، ويوقده بالنار ثم يصبون عليه الخل ويكسرونه بالحديد، ثم يعيدون الحطب والنار إلى أن فرغ الحطب من جبال مكة، واستمر على هذا العمل لأربع سنين، وأرسلت له خانم سلطان مائة ألف وخمسين ألف دينار، وتوفي إبراهيم بك ولم يتم عمله لعين عرفة في مكة سنة تسعمائة وأربع وسبعين، وكان قد صرف لهذا العمل خمسمائة ألف دينار، وكل ذلك من عند خانم سلطان ولما مات إبراهيم بك أقيم مكانه قاسم بك حاكم جدة فأقام بأداء هذه الخدمة إلى أن مات سن تسعمائة وتسع وسبعين ولم يتم عمله لعين عرفة، فأقيم مكانه لأداء هذه الخدمة قاضي مكة السيد حسين فتقدم بهمته إلى مكان كمال هذا العمل فساعدته السعادة، فكمل العمل فيما دون خمسة أشهر، وجرت عين عرفات، ووصل الماء في تلك الذيول إلى أن دخل مكة، وعمل في ذلك اليوم سماط طعام في الأسطح، وذبح مائتي رأس من الغنم، ونحوها من الإبل، وخلع على عشرة من المعلمين، وعرض ذلك إلى الأبواب العلية فحصل للقاضي ترقيات، وصارت المدرسة السليمانية التي في يده كل يوم مائة عثماني.

المقالة الثانية

في ذكر النساء الطالحات

[١]

الزهرة ملكة فارس

ذكر في المعالم........

<<  <   >  >>