كانت زوجة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وكانت من الصالحات، ولما ولي الخلافة عمر قال لامرأته فاطمة، ولها حلي أخذته من عند أبيها: اختاري إما أن تردي حليك إلى بيت مال المسلمين. وإما تأذني لي بفراقك! فقالت: أختارك عليه. فأمر عمر رضي الله عنه بحمل الحلي إلى بيت مال المسلمين ووضع فيه، ولما مات عمر قال لها أخوها يزيد: يا فاطمة إن شئت رددت عليك حليك، فقالت: لا والله لا أطيب به نفساً في حياة عمر وأرجع فيه بعد مماته. كانت تقول: والله ما أغتسل عمر عن جنابة ولا حلم منذ ولي الخلافة. وكانت ترفع من نفقتهم شيئاً يسيراً حتى اجتمع عندها مال فاشترت به ثياباً لا بنتها، فبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز، فأخذ الثياب وأعادها إلى بيت المال وقلل من نفقته. وتوفيت فاطمة زوجة عمر سنة مائة وخمس وقيل: مائة وسبع والله أعلم.
[٩٧]
خَوْلُة بِنْتُ ثَعْلَبَةَ
تزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنه وكانت حسنة الجسم، وكان في جسد زوجها لمم، وقيل: برص، فطلبها يوماً ليواقعها، فأبت وتطيرت، وذكرت قوله صلى الله عليه وسلم:" فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وظنت أنه نوع من الجذام فغضب لذلك أوس، فقال لها: أنت علي كظهر أمي. ثم ندم على ما قال، وكان الظهار والإيلاء من طلاق الجاهلية، قال في "الهداية": الإيلاء إذا قال الرجل لامرأته: والله لا أقربك أو لا أقربك أو لا أقربك أربعة أشهر فهو مول لقوله تعالى: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ... (فإن وطئها في الأربعة أشهر حنث في يمينه، ولزمته الكفارة، لأن الكفارة توجب الحنث، وسقط الإيلاء لأن اليمين ترفع بالحنث، وإن لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت منه لأن اليمين ترتفع بالحنث، قال في"الهداية": إذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فقد حرمت عليه، ولا يحل له وطؤها، لا مسها، ولا تقبيلها حتى يكفر لقوله تعالى:(والذين يظاهرون من نسائهم (إلى قوله تعالى: (فتحرير رقبة (وإن قال: أنت علي (مثل) أمي، أو كأمي، يرجع إلى نيته، فإن قال: أردت الكرامة فهو كما قال، وإن نوى الظهار كان ظهاراً، وكفارة الظهار عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، ويجزى في العتق الرقبة الكافرة المسلمة، والذكر والأنثى، والصغير والكبير لأن اسم الرقبة ينطلق على هؤلاء، ولا تجزي العمياء والمقطوعة اليدين أو الرجلين لأن الفائدة جنس المنفعة، ويجوز الأصم، والقياس أن لا يجوز. قال في (المعالم) : ثم إن أوس الصامت ندم، وقال لزوجته خولة: ما أظنك إلا قد حرمت علي! فقالت: والله ما ذاك بطلاق، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل شق رأسه، وذكرت له ما قال أوس، وشكت حالها، فأنزل الله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما (وكان هذا أول ظهار في الإسلام.
[٩٨]
?حَبِيبةُ بِنْتُ سَهْل
كانت جميلة، تزوجها ثابت بن قيس بن شماس، وكان يحبها وهي تبغضه ولا تحبه، وكان إذا طلبها لحاجته امتنعت وأبت، فكان يضربها، فأتت يوماً إلى أبيها سهل وشكت إليه، زوجها، وقالت: إنه يضربني ويسبني. فقال لها أبوها: ارجعي إلى زوجك، فإني أكره للمرأة أن لا تزال رافعة يديها تشكو زوجها وقد سمعت ما قاله صلى الله عليه وسلم:"لو أمرت أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"فغضبت وخرجت من عند أبيها، وعادت إلى زوجها، ولما رأت أن أباها لم يشكها، فأتت إلى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكت إليه زوجها وأرته أثار الضرب، وقالت: لا أنا ولا هو. فدعا صلى الله عليه وسلم ثابت وسأله فقال: والذي بعثك بالحق بشيراً ما على وجه الأرض أحب إلي منها غيرك! فقال لها صلى الله عليه وسلم (ما تقولين؟) فقالت: صدق يا رسول اله ولكن خشيت أن يهلكني، فاخرني منه وهو من أكرم الناس حباً لزوجته، ولكني أبغضه فلا أنا ولا هو. فعند ذلك طلب منها ثابت ما أصدقها وما أعطاها، فأعطته وخلى سبيلها. قوله تعالى:(للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن (. قال في (المعالم) : (للرجال نصيب مما اكتسبوا (إن كان لهم فضل الجهاد فللنساء، فضل طاعة الأزواج، وحفظ الفروج، والله سبحانه أعلم.