واسمه الضيزن، وهو من قبيلة قضاعة، وهو ملك مدينة الحضر، وأصله من الجرامقة، وكان ظالماً جباراً، وكان يشن الغارات على القبائل، فبلغ خبره إلى الملك كسرى سابور، فتجهز بالعساكر سابور، وقدم إلى حرب الساطرون، وحاصر مدينة الحضر أربع سنين، وقتل: سنتين، ولم يقدر سابور إلى أخذها، فاتفق أن النضيرة بنت الضيزن بنت حاضت فأخرجت إلى ربض المدينة، وهذه عادتهم، وكانت من أجمل النساء فنظرت إلى سابور، وهو أجمل أهل زمانه، فعشقته وعشقها وأرسلت إليه: ما تجعل لي: إذا ملكتك البلد؟ فقال: أرفع قدرك، وأحكمك على نسائي، فقالت له: فخذ حمامة ورقاء مطوقة، فاكتب على رجلها من دم حيض بكر زرقاء، ثم أرسلها فإنها تقع على السور فينهدم. ففعل سابور ذلك، وانهدم السور، وملك المدينة سابور، وقتل الضيزن وأصحابه، وكان هذا طلسم ذلك البلد، وأخرب المدينة، وهي إلى الآن خراب، وأخذ النضيرة، فأعرس بها بعين التمر، فلم تزل ليلتها تتضور وتتألم، فالتمس فإذا ورقة آس ملتزقة بعكنة من عكن بطنها، فقال لها: ما كان يغذوك به أبوك. قالت: بالزبد والمخ و (شهد) الأبكار من النحل، وصفو الخمر، فقال لها: إذاً، هذا كان منك جزاء لأبيك، قتلته وقتلت أصحابه. وخربت دياره، فأمر رجلاً من خدامه فركب فرساً جموحاً، ثم عصب غدائر النضيرة بذنب الفرس واستركضها فقطعها قطعاً وماتت. ونظير هذا المكر ومثال هذا الغدر، ما تحكي: أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة زوجة الحسن، رضي الله عنه يقول لها: إن سقيت سماً زوجك الحسن ومات تزوجتك. فصدقت الرعنة وسقت الحسن رضي الله عنه سماً ومات، ولم يتزوجها يزيد، وخسرت جعدة الدنيا والآخرة ذلك الضلال البعيدة. ومما شاهدته وسمعته ما وقع في الموصل: أن بنتاً بكراً أحبت رجلاً لم يكن لها كفواً، وعملت أن أباها لا تزوجها إياه، فأطعمت أباها سماً ومات به، وأكل من ذلك الطعام بعض أهل البيت. وتمرضوا ثم عوفوا منه.