أجدُ بردها أو تشفّ منّي حرارةً ... على كبدٍ لمْ يبقَ إلاّ صميمها
فإنَّ الصَّباريحٌ إذا ما تنسَّمتْ ... على نفسِ مهمومٍ تجلَّتْ همومها
[١٩]
بديعة بنت عبد الله زوجة السلطان قايتباي
الجركسي المحمودي سلطان مصر كانت في نهاية الجمال، يضرب المثل بحسنها، وهي مثل اسمها، وتزوجها السلطان قايتباي في أيام إمارته فولدت له الملك الناصر محمد، وحظيت عنده، وكانت من أغفل النساء، ولما توفي زوجها السلطان قايتباي سنة اثنين وتسعين، وثمانمائة، وكان غرة جبهة السلاطين الجراكسة بالعدل والمروءة والكرم والنباهة، وولي السلطنة وله الناصر محمد فكانت أخلاقه ذميمة، في غاية ضعف العقل أخذه عن أمه بديعة وكان مولعاً في حب النساء، فكان إذا سمع بإمرآة حسناء هجم عليها، وقطع دائرة فرجها ونظمه في خيط أعده لنظم فروج النساء، وكانت أمه تعلم به ولا تنهاه عن أفعاله، فعمدت أمه بديعة إلى جارية لها حسناء ليس يوجد لها نظير فطيبتها وزينتها ووهبتها لولدها الناصر، الخاسر، محمد بزعمها أنه يرتدع عما كان عليه، فأخذ الناصر الجارية، وأغلق الباب وعاد إلى قلة عقله ورأيه الفاسد، وربط الجارية، وشرع يسلخ جلدها، وهي تصرخ، فأرادت أمه بديعة الهجوم عليه، فما أمكنها، إلى أن تم عمله، وسلخ الجارية وحشى جلدها بالثياب النفيسة ثم خرج إلى عند أمه وأظهر لها أستاذيته بالسلخ، واستمر على هذا الفعل إلى أن قتل سنة خمس وتسعين وثمانمائة.
وفي ذكر المغفلين: ماحكي: أن رجلاً من أهل حمص نظر إلى بئر فيه ماء فرأى خيال وجهه في الماء فذهب إلى أمه وقال: يا أماه في البئر لص، فجاءت أمه ونظرت في البئر مع ابنها، فقالت: لص ومعه قحبة.
وتقدم رجل من أهل حمص يصلي المغرب إماماً، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتي السهو، فلما أتم قيل له: ما رأيناك سهوت! فقال: نعم، ولكني تذكرت أني صليت بكم على غير وضوء، فسجدت للسهو، والله أعلم.