وهي أخت أمير المؤمنين عمر بن العزيز، (وأمها: ليلى بنت سهيل بن حنظلة بن الطفيل، تزوجها ابن عمها الوليد بن عبد الملك) . حكي: أن عزة بنت حميل صاحبة كثير دخلت يوماً على أم البنين فقالت: لها أم البنين: ما معنى قول كثير فيك. شعر:
فقالت: وعته بقبلة ثم رجعت عنها، فقالت لها أم البنين: أنجزيها وعلي إثمها. فاستأثمت أم البنين، وحجت وأعتقت عند الكعبة أربعين عبداً وقالت: اللهم إني أتبرأ إليك مما قلت لغزة، ذكر في (الهداية) : في أول كتاب الإعتاق قال: الإعتاق تصرف مندوب إليه، قال صلى الله تعالى عليه وسلم:"أيما مسلم أعتق مؤمناً أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار". وذكر في " مختارات ولسان الحكام" هذا الحديث وقال: ولهذا استحبوا أن يعتق الرجل العبد، والامرأة الأمة لتحقق مقابلة الأعضاء بالأعضاء وذكر في "الاختيار": العتق في الشرع زوال الرق عن المملوك، وفي اللغة: العتق: القوة. يقال لها: عتق الطائر إذا قوي على الطيران، وعتقت الخمر إذا قويت واشتدت، وسمي الصديق عتيقاً لجماله. والبيت العتق الكريم. ولما تزوج سليمان أم البنين شغف بها لجمالها وحسن أخلاقها، وكانت على سيرة أخيها عمر أمير المؤمنين، وكان سليمان أكولا يأكل مائة رطل شامي، وقبل: إنه اصطبح يوماً بأربعين دجاجة وأربعمائة بيضة، وأربع وثمانين كلوة، وثمانين جر دقة، ثم أكل الناس السماط. وأكل مرة في مجلس واحد سبعين رمانة. وخروفاً، وفي أيامه ظهرت الكنافة فكان كل ليلة يتسحر بعشرين رطل منها، وتوفي سليمان سنة تسع وتسعين، واستمرت أم البنين بعد سليمان مشتغلة بالعبادات والصدقات إلى أن توفيت في خلافة يزيد، وقيل: في خلافة هشام.
[١٠٢]
بوران بنت الحسن بن سهل وزير المأمون
كانت بارعة في الحسن، صاحبة عقل وكمال وعفة، فبلغ خبرها إلى المأمون فخطبها من أبيها سنة تسع ومائتين ودخل بها سنة عشرة ومائتين، تزوجها في مدينة واسط. ولما أدخلت عليه نثر يوم عرسها على الهاشميين والقواد بنادق مسك فيها رقع بأسماه ضياع وجوار وخيل وكل من وقع بيده رقعة ملك ما هو مكثوب فيها. نثر على الناس دنانير ودراهم، وأوقد ليلة زفافها شمعة عنبر وزنها أربعون مناً في فانوس من ذهب، ولما دخل المأمون على بوران نثرت على رأسه جدتها ألف حبة لؤلؤ نفيسة، ولما خلا المأمون بها حاضت من هيبة الخلافة. فقالت له: (أتى أمر الله فلا تستعجلو ... (. وحذقت الهاء لئلا تكون آية كاملة، ففطن المأمون لذلك، وأعجب بها، وخرج في الحال وأنشد ذلك:
فًارِسٌ مَاضٍ بِحَربتِهِ ... عَارِفٌ بِالطَّعنِ في الظُّلَمِ