وذكر في "الكامل"، لما أكل آدم وحواء من الشجرة، وبدت لهما سوآتهما، ناداه ربه، يا آدم من أين أتيت؟ قال: من قبل حواء يا رب. فقال الله: فإن لها علي أن أدميها في كل شهر، وأن أجعلها تحمل كرهاً وتضع كرهاً وتضع كرهاً، وتشرف على الموت مراراً (وقد كنت جعلته تحمل يسراً وتضع يسراً) ولولا بليتها لكن النساء لا يحضن. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله تعالى قال: يا آدم ماحملك على ماصنعت؟ قال: يا رب زينته لي حواء؟ قال: فإني أعقبتها لا تحمل إلا كرهاً، ودميتها في الشهر مرتين. كذا في"المعالم". قال: في "صدر الشريعة"، الحيض هو دم ينفضه رحم البالغة لا داء بها ولم تبلغ اليأس. وأقله ثلاثة أيام بلياليها، وأكثره عشرة بلياليها، هذا عند أبي حنيفة ومحمد. وعند أبي يوسف أقله يومان، وأكثره الثالث، وعند الشافعي رضي الله عنه أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، وقال في"الهدية": ويسقط عن الحائض الصلاة ولا تقضيها، ويحرم عليها الصوم، ولا تدخل المسجد ولا يأتيها زوجها لقوله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن (وفي هذا كفاية، وما مضى لبوران أيام قلائل عند المأمون، إلا والمأمون قبض على إبراهيم ابن المهدي وسجنه وهم بقتله، فتشفعت فيه بوران، فعفى عنه وأطلقه، وذكر في "تاريخ المؤيد": إن الحسن بن سهل لما بلغه أن المأمون يخطب ابنته فرح فرحاً عظيماً، ولما عقد عليها كتب الحسن أسماء ضياعه في رقاع ونثرها على القواد رغبة في مصاهرة الخلفة، وافتتن المأمون في بوران لحسنها، وذكائها. ومما حكي عن أذكياء النساء: قال المدني: خرج ابن زياد في فوارس فلقوا رجلاً ومعه جارية لم ير مثلها في الحسن، فصاحوا به: خل عنها، وكان مع الرجل قوس فرمى أحدهم فهابوه، وعاد يرمي فانقطع الوتر فهجموا عليه، وأخذوا الجارية، واشتغلوا عنه بها، فمد أحدهم يده إلى أذنها، وفيها قرط فيه درة نفيسة. فقالت: وما قد ر هذه الدرة، وإنكم لو رأيتم في قلنسوته من درة لاستحقرتم هذه! فتركوها واتبعوا! وقالوا: ألق (ما) في القلنسوة. وكان فيها تر أعد لمثل ذلك نسيه من الدهشة، فلما ذكروه ما في القلنسوة ركبه ف ي القوس، وقاتل القوم، وهزمهم وملك الجارية ونجا بها. وحكي عن بعض أذكياء النساء من بعض الأدباء بحي (مر) للعرب فرأى امرأة فقال لها: ممن المرأة؟ قالت؟ من بني فلان. فأراد العبث بها. فقال لها: أتكتنون؟ قالت: نعم نكتني. فقال لها: لو فعلت لاغتسلت. فأجابته: أتعرف العروض؟ قال: نعم، قالت لي قول الشاعر:
فلما أخذ يقطع قال: حولوا عن نكني. قالت: من هو؟ فتعجب الرجل وقال: الله أكبر إن للباغي مصرعاً. وقيل: مر الأصمعي بثلاث نساء، إحداهن قصيرة، وعن يمينها امرأة طويلة، وعن شمالها امرأة طويلة، فأراد بهن العبث فقال: أنتن لنا. فخرجت القصيرة من الوسط، وقامت في الرأس وقالت: نحن لله، فتعجب من ذكائها وفطنتها. واستمرت بوران عند المأمون في أرغد عيش إلى أن توفي المأمون سنة ثماني عشرة ومائتين، ودفن في طرسوس وفيه يقول الشاعر:
وسبب دفنه في طرسوس أنه سافر إلى مصر، ثم دخل إلى بلاد الروم، وسبب موته أنه كان جالساً على نهر ومعه أخوه المعتصم وأرجلهما في الماء، فتذكر الرطب فأحضروه له، وجيء به في سلتين، وكان قد حملوه من بغداد، وقدموا عليه في تلك الساعة فحمد الله وشكره، وأكلا منه وشربا من الماء، فحما ولم يزل المعتصم مريضاً حتى دخل العراق، ومات المأمون، ودفن هناك. وتوفيت بوران سنة إحدى وسعين ومائتين في بغداد.