للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولد له المعز إسماعيل والناصر أيوب، ومات طغتكين في اليمن سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، فملك اليمن بعده ولده المعز إسماعيل، وكان ظالماً مخبطاً، ادعى أنه قرشي أموي ولبس الخضرة، وخطب لنفسه بالخلافة فقتله مماليك أبيه بعدما وافقتهم أمه زمرد، وأقامت ولدها الصغير أيوب. وصار أتابكه الأمير سيف الدين سنقر، ومات بعد أربع سنين وصار أتابكه الأمير غازي بن جبرائيل، وتزوج زمرد أم الناصر، ثم طغى الأمير غازي، وطمع في بلاد اليمن فسم الناصر فمات، فاجتمعت العرب وقتلوا الأمير غازي وخلت اليمن فتغلبت زمرد أم الناصر، وملكت زبيد، وأخرجت الأموال وأنفقت على العساكر، وأقامت تنتظر من يقدم من بني أيوب ليملك بلاد اليمن وتتزوج به، وأرسلت زمرد بعض غلمانها إلى مكة في موسم الحج ليأتيها بأخبار مصر والشام، فوجد سليمان بن شاهنشاه بن أيوب، وكان فقيراً، فحمله معه ذلك الغلام إلى اليمن، وأحضره عند زمرد فتزوجت به وملكته اليمن فملأ اليمن جوراً، ولم يرع حق زمرد وطرحها وأعرض عنها، وكتب إلى عمه الملك العادل كتاباً أوله "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" فاستقل عقله وأهمله، وتوفيت زمرد أم الناصر في حدود سنة ستمائة والله أعلم. وفي سنة اثنتي عشرة وستمائة، أرسل الملك الكامل ابن العادل ابنه الملك المسعود يوسف إلى اليمن في جيش عظيم فملك اليمن وقبض على سليمان وبعثه إلى مصر فأجرى له الكامل ابن العادل ولده الملك المسعود يوسف إلى اليمن في جيش عظيم فملك اليمن وقبض على سليمان وبعثه إلى مصر فأجرى له الكامل ما يقوم به إلى أن مات.

[١١٣]

ضيفة بنت الملك العادل أبي بكر أيوب

مولدها سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب، ولما ولدت كان عند أبيها ضيف فسماها أبوها ضيفة تزوجها الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف صاحب حلب سنة تسع وستمائة، وذلك بعد وفاة أختها ملكة، ولما عقد عليها أصدقها خمسين ألف دينار، واحتفل الظاهر لملتقاها بالنفائس، ومات عنها الظاهر سنة ثلاث عشرة وستمائة فملك حلب ابنها الملك العزيز محمد، ودبرته أمه ضيفة خاتون إلى أن كبر وطالت أيامه، وتوفي العزيز محمد سنة أربع وثلاثين وستمائة. فملكت حلب ضيفة خاتون إلى أن كبر الملك الناصر يوسف بن العزيز محمد، ودبرت الملك أحسن تدبير إلى أن بلغ عمر ابن ابنها.

[١١٥]

ملك بنت الملك العادل أبي بكر بن أيوب

كانت منى أجمل النساء خلقاً، وأحسنهن خلقا، وأزكاهن فرعاً، وأوفاهن طبعاً، تزوجها الملك المنصور محمد بن عبد الملك، وقيل: محمد بن محمود بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وهو صاحب حماة، وأصدقها أربعين ألف دينار، ودخل بها وحملت منه بالمظفر محمود وشغف فيها، ولما كبر المظفر أخذ له المنصور أبوه العهد على حماة سنة ست عشرة وستمائة، وجعله ولي عهده، وأرسل معه جيشاً لنجدة الملك الكامل بمصر فسار المظفر محمود وقدم إلى مصر فأكرمه الكامل، وأنزله في الميمنة منزلة أبيه وجده، وبعد توجه المظفر من حماة تمرضت ملكة أياماً، وماتت فحزن عليها الملك المنصور، ولبس الحداد. قال ابن واصل: رأيته، وأنا ابن اثنتي عشرة سنة، يومئذ، وقد لبس ثوباً أزرق وعمامة زرقاء، وفي ذلك يقول حسام الدين بن الجندي الكردي من قصيدة يرثيها:

الظرف في لجة والقلب في سعر ... له دخان زفير طار بالشرر

لو كان من مات يفدي قبلها لفدى ... أم المظفر آلاف من البشر

ما كنت أعلم أن الشمس قد غربت ... حتى رأيت الدجى ملقى على القمر

وفي المراثي قولي أرثي أحد أولاد العم، فمنها قولي:

لو كنت تفدى من أذى ومنية ... لفديت بالآباء والأبناء

أو كنت تشترى لاشتريتك رابحاً ... بالمال والأملاك والأحياء

يا دهر ويحك ما تركت مصيبة ... إلا وقد ألقيتها بفناء

ولأخي أمين العمري الخطيب يرثي والده خير الله العمري فمنها:

فلو استطع جعلت نعشك مهجتي ... وتركت شخصك في ضميري يقبر

ولو أن محزوناً تكلف فوق ما ... في وسعه لبكى عليك المنبر

ونعاك محراب بقيت بجوفه ... لله في جنح الظلام تكبر

وبكاك أوراد ألفت دعاءه ... حججاً وحن لك الكتاب الأزهر

فالفقه بعدك في حين متيم ... والنحو والتصريف عنك مقرر

<<  <   >  >>