للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوفيت خديجة رضي الله عنها بعدما أقامت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين سنة ولم يتزوج حتى توفيت، وكانت وفاتها في رمضان، وهي بقنت خمس وستين سنة، ودفنت بالحجون، ونزل صلى الله عليه وسلم في حفرتها. وزعم ابن إسحاق أنها توفيت بعد الإسراء بعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنت بالحجون، ولم تكن صلاة الجنازة. وبعد ستة أشهر مات أبو طالب، مات كافراً، وصرح بهذه العبارة أبو حنيفة رضي الله عنه في "الفقه الأكبر" وسبق حديث: "أنه سينتفع شفاعتي فيوضع في نار قليلة". وقيل: إن خديجة رضي الله عنها، توفيت بعد أبي طالب بثلاثة أيام، وقيل: بخمسة، وقيل: قبل أبي طالب بخمسة وثلاثين يوماً.

قال صلى الله عليه وسلم: "خير النساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد". وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً، فقد بدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: "لا والله ما أبدلاني خيراً منها، آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبوني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولاداً غذ حرمني أولاد النساء" فقلت في نفسي: لا اذكرها بسبة، وكان صلى الله عليه وسلم يكرم صويحباتها بعدها، فيقول: "هذه كانت تأتينا أيام خديجة، وهذه كانت من صواحبها". وروي أن جبرائيل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئ خديجة عن الله وعني السلام. قال الجاحظ بن حجر: أفضل أمهات المؤمنين: خديجة بنت خويلد، وعائشة الصديقة، وقال صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا: مريم وآسية وخديجة، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". وقال الإمام الأعظم: إن عائشة بعد خديجة الكبرى أفضل نساء العالمين.

وذكر في "شرح الجوهرة" عن أبي هريرة رضي الله عنه: "خير نساء العالمين أربع: "ريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، امرأة فرعون، وخديجة وفاطمة". وصح من حديث ابن عباس: "أفضل نساء الجنة: خديجة وفاطمة ومريم وآسية".

وذكر الكرماني في أول شرحه البخاري: أن خديجة وعائشة سواء: وذكر في "كشف الأسرار" قال صلى الله عليه وسلم: "شارطت ربي أن لا أتزوج إلا من تكون معي في الجنة" ولأجل ذلك حرمت نساؤه علينا، فلأنهن لو تزوجن لكان في ذلك إيذاء للنبي، صلى الله عليه وسلم وتركاً لمراعاة حقه وحرمته قال تعالى: (لستن كأحد من النساء) وقال النيسابوري: إنما سمى نساءه أمهاتنا ولم يسمه أباً لأنه لو سماه أبا لكان يحرم عليه نكاح أولاده.

[٢٦]

سودة رضي الله عنها

بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك، وأمها من بني النجار، وهي أم المؤمنين، أسلمت قديماً وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها السكران بن عمرو، ثم قدمت معه مكة فمات زوجها، فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت عنده فهم بطلاقها، فقالت: دعني في أزواجك وأنت في حل من شأني، وقد وهبت يومي لعائشة فكان صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين: وكان، صلى الله عليه وسلم قد تزوجها قريباً من تزوجه بعائشة رضي الله عنها وقيل: إن في سودة رضي الله عنها نزلت هذه الآية: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً) ولما تزوجها صلى الله عليه وسلم كان أخوها عبد الله في الحج، فلما قدم جعل يحثو على رأسه التراب، فلما أسلم كان يقول: لعمرك إني لسفيه، كيف أحثو التراب على رأسي؟ ولما توفيت خديجة رضي الله عنها جاءت خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون إليه صلى الله عليه وسلم فقالت: ألا تتزوج؟ قال: "بمن؟ " قال: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً قال: "من البكر ومن الثيب؟ " فقالت: أما البكر فعائشة رضي الله عنها وأما الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك، قال: "فاذهبي فاخطبيها". فدخلت خولة على سودة وخطبتها بعد أن خطبت عائشة رضي الله عنها وتزوج صلى الله عليه وسلم بسودة قريباً من تزوجه بعائشة.

وذكر في "البستان": أنه صلى الله عليه وسلم تزوج بسودة بمكة قبل عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>