للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وجعلوا تدبر اليسير البيت، معناه أن قراءة اليسير مع التدبر، أفضل من قراءة الكثير دون تدبر، فقراءة جزء بترتيل، أفضل من قراءة جزئين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل، فقد قال سبحانه وتعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) وقال جل من قائل سبحانه وتعالى: (أفلا يتدبرون القرآن) قال السيوطي - رحمه الله تعالى -: وصفة ذلك أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، فإن كان مما قصر عنه في ما مضى، اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية رحمة، استبشر وسأل، أو عذاب، أشفق وتعوذ، وتنزيه، نزه وعظم، أو دعاء، تضرع وطلب، أخرج مسلم عن حذيفة - رضي الله تعالى عنهما - قال: صليت مع النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم النساء فقرأها، ثم آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح، سبح، وإذا مر بسؤال، سأل، وإذا مر بتعوذ، تعوذ. (١)

قوله: وقد روي أن الرسول البيت، معناه أنه جاء في بعض الأخبار أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - لم يختم القرآن الكريم في أقل من ثلاث، (٢) وقد جاء أنه قال: " لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " (٣) قال النووي - رحمه الله تعالى -: المختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ، وكذلك من كان مشغولا بنشر العلم، أو فصل الحكومات، أو غير ذلك من مهمات الدين، والمصالح العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له، ولا فوات كماله، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليكثر ما أمكنه، من غير خروج إلى حد الملل، والهذرمة في القراءة.


(١) ورواه أيضا النسائي والإمام أحمد.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>