ومثل اللحية جميع شعر الوجه، قال القاضي عبد الوهاب في التلقين: وأما الوجه فالفرض إيعاب جميعه، وحده: ما انحدر من منابت شعر الرأس إلى آخر الذقن للأمرد، واللحية للملتحي طولا، وما دار عليها من العذارين عرضا، فإن كان عليه شعر لزم إمرار الماء عليه، ثم ينظر فإن كان كثيفا قد ستر البشرة سترا لا تبين معه انتقل الفرض إليه، وسقط فرض إيصال الماء إلى البشرة، وإن كان خفيفا تبين منه البشرة لزم إمرار الماء عليه وعلى البشرة، وسواء في ذلك أن يكون على خد، أو شفة، أو حاجب، أو عذار، أو عنفقة، ويلزم في ما انسدل من البشرة كلزومه في ما تحته بشرة، ونقله ابن عرفة مختصرا، وظاهر كلام سيدي زروق -رحمه الله تعالى - اختصاص التخليل باللحية، حيث قال: وحكى بعض المتأخرين في تخليل العنفقة قولين، ثم أحال على نظر القرافي، ثم قال: وذكر ابن الحاجب الهدب وفيه مشقة فانظر فيه.
وذكره ابن شاس في جواهره، وظاهر قول ابن عبد السلام: وذكر الهدب لما رءاه للشافعية فيه وفي الحاجبين من سقوط التخليل، لأن الغالب في شعرهما الخفة، وما ذكروه في الهدب متجه، أنه لا يعلم لأهل المذهب كلاما صريحا في الهدب، مع أن التحريك الذي تقدم أنه واجب في الشعر، قائم مقام التخليل في الشعر الخفيف، كما ذكره سند في اللحية، فأولى في الهدب الذي ليس شعره صفوفا متعددة، وما نسبه للشافعية خلاف ما وقفت عليه في غير واحد من كتبهم، من أنما شأنه الخفة كالهدب يجب غسل ظاهره وباطنه، وإن كان كثيفا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
والمشهور وجوب غسل ما طال من اللحية، قال ابن رشد: وهو المعلوم من مذهب مالك وأصحابه في المدونة وغيرها، وقيل ليس عليه أن يغسل من لحيته إلا ما اتصل منها بوجهه، لا ما طال منها، وهو ظاهر ما في سماع موسى عن ابن القاسم عن مالك كما نقله في المواهب، وقال به الأبهري -رحمه الله تعالى ـ.