قال في المواهب: واستدل صاحب الطراز للوجوب بحديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما -أنه عليه الصلاة والسلام قال ": إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك " رواه الترمذي وأبو داود (١) وبأن ما بين الأصابع يجب إيصال الماء إليه فوجب دلكه، واستدل لنفي الوجوب بأن كل من نقل وضوء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الصحاح لم يذكره فيه، ولأن الماء يتخلل الأصابع وهي تماس بعضها فيحصل بذلك حقيقة الغسل
واعتمد القاضي أبو الوليد بن رشد قول الاستحباب في مقدماته، وهو أخذ بالدليلين معا والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأشار بقوله: وافعل بيسراك كذا، إلى أنه يفعل بيده اليسرى مثل ما تقدم وصفه في اليد اليمنى، وأشار ببقية البيتين الأخيرين إلى الاختلاف في وجوب غسل المرفقين، قال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -: وفي وجوب غسل المرفقين ثالثها احتياطا للمشهور واللخمي عن أبي الفرج، مع الباجي عن رواية ابن نافع واللخمي عن القاضي، مع الباجي عن أبي الفرج، قال في المواهب بعد أن ذكر الاشتراك فى لفظ اليد، وأن الغاية تكون داخلة وتكون خارجة: والاعتماد في ذلك على ما بينته السنة، ففي الصحيح عن أبي هريرة أنه غسل يديه حتى شرع في العضد، وقال هكذا رأيت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - توضأ، ومثله ما رواه البزار عن وائل بن حجر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم غسل يديه حتى جاوز المرفق، وفعله صلى الله تعالى عليه وسلم مبين، فلما أدخل المرفقين دل على وجوب غسلها، وقيل إن المرفقين غير داخلين في الوجوب، وإنما عليه أن يبلغهما، رواه ابن نافع عن مالك، وحكاه اللخمي عن أبي الفرج، وقيل يدخلان لا لأجلهما بل احتياطا، لأن الواجب لا يتوصل إليه إلا بدخولهما، وعزاه الباجي وغيره لأبي الفرج، وعزاه اللخمي للقاضي عبد الوهاب.