هذا وقال في المواهب: قال البرزلي في مسائل الطهارة: سئل عز الدين عن من لا يمكنه قرب أهله إلا باليل، وإذا فعل أخر أهله الصلاة عن وقتها لتكاسلها، فهل يجوز له فعل ذلك، وإن أدى إلى إخلالها بالصلاة، أم لا، فأجاب بأنه يجوز أن يجامع أهله ليلا، ويأمرها بالصلاة في وقت الصبح، فإن أطاعت فقد سعد وسعدت، وإذا خالفت فقد أدى ما عليه، قال الحطاب: قوله: ليلا، يحتمل أن يكون لفظا مقصودا، إذ لا يجب عليها حينئذ غسل ولا صلاة، فلا يترك ما وجب له لما لم يجب عليها، وهذا نحو مما ذكر الباجي عن بعض أصحاب مالك، وأظنه في حديث الوادي أنه يجوز للإنسان أن ينام بالليل وإن جوز أن نومه يبقى حتى يخرج وقت الصبح، إذ لا يترك أمرا جائزا لشيء لم يجب عليه، وعلى هذا فلو كان بعد الفجر فلا يمكن من ذلك حتى يخرج وقتها أو يصليها، ويكون كقوله في المدونة: ولا يطأ المسافر زوجته حتى يكون معهما من الماء ما يكفيهما، ويحمل على الوجوب أو الندب خلافا لابن وهب في هذه المسألة، ويحتمل أن يتخرج ذلك في المسألة المذكورة.
ولا يبعد أن يقال إن مسألة السؤال تختلف عن مسألة المدونة من جهة عدم تعذر الغسل، فيكون عليها إثم تكاسلها، كمثل ما قالوا في المحرمة قبل الميقات، وقد تردد الأصحاب في منعه إياها من الصلاة أول الوقت، قال ابن عرفة في كتاب الحج: ابن بشير: ليس له منعها من فرضها إذا تعين، فيتعين باستطاعتها على الفور، وعلى التراخي تردد المتأخرون في تمكينه من منعها، ونزلوا عليه قضاء رمضان، والصلاة أول وقتها، وقول ابن الحاجب: ليس له منعها على الأصح، كالصلاة أول الوقت، وقضاء رمضان، يقتضي الاتفاق عليهما، خلاف نقل ابن بشير، وهو الأصح.
ولعل هذا صريح في موافقة مسألة السؤال خاصة، وأنه سيق في قضية المحرمة قبل الميقات التي قالوا فيها إن له أن يباشرها، والإثم عليها، مع أنها قد دخلت في العبادة، والله سبحانه وتعالى أعلم.