والإقامة: مصدر أقام، قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى -: ومعنى الإقامة، أي: إلى الصلاة، لأن المؤذن يقيمهم إلى أدائها بدعوته، وإعلامه بدخول الوقت، ومعنى قد قامت الصلاة، أي: استقامت عبادتها، وآن الدخول فيها، وقد يكون المعنى قد آن القيام لها، والمراد القائمين، أي جماعة أهل الصلاة، وقد يكون أيضا معنى قامت الصلاة: دامت وثبتت، نقله في الشفاء.
أشار بالبيت الأول إلى أن الأذان واجب في المساجد، والجماعات الراتبة، قال في المواهب -ممثلا للجماعة التي تؤمر بالأذان -: كالجوامع والمساجد، وكعرفة، ومنى، والعدد الكثير يكون في السفر، قال في المدونة: وكذلك إمام المصر يخرج إلى الجنازة فتحضر الصلاة فيصلي بأذان وإقامة.
وما ذكره الشيخ من الوجوب نحوه في الموطإ، فمنهم من حمله على ظاهره كالشيخ، ومنهم من حمله على السنة المؤكدة، كالقاضي عبد الوهاب، قال في الإكمال: قال أبو عمر بن عبد البر: لم يختلفوا أن الأذان واجب في الجملة على أهل المصر، لأنه شعار الإسلام، قال بعض شيوخنا: أما لهذا الوجه ففرض على الكفاية، وهو أكثر مقصود الأذان، إذ كان صلى الله تعالى عليه وسلم إذا غزا فإن سمع أذانا أمسك، وإلا أغار، (١) فإذا قام به على هذا واحد في المصر وظهر الشعار سقط الوجوب، وبقي المعنى الثاني بتعريف الأوقات، وهو المحكي الخلاف فيه عن الأئمة، والذي اختلف لفظ مالك وبعض أصحابه في إطلاق الوجوب عليه، فقيل معناه وجوب السنن المؤكدة، كما في غسل الجمعة والوتر وغيرهما، وقيل هو على ظاهره من الوجوب على الكفاية، إذ معرفة الأوقات فرض، وليس كل أحد يقدر على مراعاتها، فقام به بعض الناس عن بعض، وتأول هذا قول الآخرين: سنة، أي: ليس من شرط صحة الصلاة، كقولهم في ستر العورة، وإزالة النجاسة، نقله في المواهب.