وقيل لا يقصر إذا كانت قريته قرية جمعة حتى يجاوز ثلاثة أميال، لوجوب الجمعة على من دونها، وقيل باعتبار ذلك أيضا ولو لم تكن قرية جمعة.
قوله: وليتمم إن يرجع، إلى قوله: وصل، معناه أنه إذا دخل البلد راجعا أتم، ولا يتم قبل أن يدخل ولو قارب البلد على المشهور، قال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -: الشيخ: سمع أشهب: من قرب بميل ونحوه أتم، ولم أجده في العتبية، القاضي: ورواية الأخوين: مبدؤه منتهاه.
وقال ابن بشير في التنبيه: وأما منتهى السفر فهو العودة منه، ففي كل موضع يجوز له القصر بمفارقته، لا يجوز له القصر إذا عاد إليه، ويختلف إذا كان بينه وبين المصر ثلاثة أميال، على الخلاف الذي قدمناه.
قوله: والأربع الأيام البيت، معناه أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام صحاح، وجب عليه الإتمام، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى -: قال مالك - رحمه الله تعالى -: ولا يتم حتى ينوي إقامة أربعة أيام، وإنما قال ذلك لأن عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب - رضي الله تعالى عنهم - قالا: إذا نوى المسافر إقامة أربعة أيام أتم، وما لم يجمع على ذلك فليقصر، قال مالك - رحمه الله تعالى - وذلك أحسن ما سمعت، والذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى - واستدل على ذلك بعض أصحابنا من البغداديين بأن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال:" لا يقيمن مهاجر بعد قضاء نسكه فوق ثلاث "(١) فمنع المهاجر أن يتخذ مكة قرارا فيما فوق ثلاثة أيام، فدل أن الثلاث ليست في حيز الإقامة، وأن الأربع فما فوق إقامة.
(١) لم أقف على هذا اللفظ، وأصل الحديث متفق عليه، ولفظ البخاري " ثلاث للمهاجر بعد الصدَر" ورواه مسلم بألفاظ متقاربة، منها " للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصدَر بمكة " قال العلاء بن الحضرمي ـ رضي الله تعالى عنه ـ: كأنه يقول: لا يزيد عليها.