وسهل بن أبي حثمة، (١) وهو أولى من أخبارهم، لضروب من الترجيح، منها أن روات أخبارنا أكثر عددا، لأنها رويت عن ثلاثة من الصحابة، وسائر ما رووا في ذلك رواية واحدة فقط، إلا حديث ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - وهو مختلف عليه فيه، ولأن ظاهر القرآن الكريم معنا، وهو قوله سبحانه وتعالى:(فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم (فأفردهم بالسجود، فاقتضى ذلك أن يسجدوا لأنفسهم، سجودا يتفردون به، لا يشركهم فيه الإمام مع كون الإمام في الصلاة، لقوله سبحانه وتعالى: (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) وهذا لا يمكن إلا على ما نقوله: أن كل طائفة تصلي ما بقي عليها في حال صلاة الإمام، وعلى مذهب أبي حنيفة لا تصح، لأن القضاء عنده إنما يكون بعد فراغ الإمام من الصلاة، وقال أحمد بن المعذل ولأن ما قلناه أحوط، ولأن انصراف الطائفة الأولى التي قد صلت مع الإمام ركعة إلى مكان الطائفة الواقفة بإزاء العدو إنما هو للحفظ والحراسة، فيجب أن تقف في مكانها وهي فارغة لما وقفت له، غير مشغولة بمراعاة ما سواه، لأن ذلك أمكن في التحفظ، وأقوى في التحرز، وأشبه بالمعنى الذي استدعيت لتقوم به، ولأنهم ربما احتاجوا في التحفظ إلى كلام وصياح، وغير ذلك مما إذا فعلوه بطلت صلاتهم بفعله، فيزال ما بني عليه أمر صلاة الخوف من الاحتياط للصلاة.
٤٦٧ - وأذَّنوا مع الإقامة لدى ... كل صلاة حيث كانت عددا
٤٦٨ - وإن يك الوطيس عن قَسْمٍ حَمِي ... صلوا بلا جمع على وسعِهم
(١) حديث سهل بن أبي حثمة متفق عليه، ولفظه عند البخاري: يقوم الإمام مستقبل القبلة وطائفة منهم معه، وطائفة من قبل العدو، وجوههم إلى العدو، فيصلي بالذين معه ركعة، ثم يقومون فيركعون لأنفسهم ركعة، ويسجدون سجدتين في مكانهم، ثم يذهب هؤلاء إلى مقام أولئك، فيركع بهم ركعة، فله ثنتان، ثم يركعون ويسجدون سجدتين.