وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله تعالى -في شرحه لحديث أم عطية في إحكام الأحكام: قوله: بماء وسدر، أخذ منه أن الماء المتغير تجوز به الطهارة، وهذا يتوقف على أن يكون اللفظ ظاهرا في أن السدر ممزوج بالماء، وليس يبعد أن يحمل على أن يكون الغسل بالماء من غير مزج له بالسدر، بل يكون الماء والسدر مجموعين في الغسلة الواحدة من غير أن يمزجا ... .
قوله: وإن تجرده لغسل فاسترا عورته، معناه أن غاسل الميت يجرده من الثياب ما عدا عورته، وذلك على أحوال، فالرجل الذي يغسل رجلا، يستر منه ما بين السرة والركبة، في قول ابن حبيب - رحمه الله تعالى - وقال مالك - رحمه الله تعالى - في المدونة يجرد ما سوى السوأتين، كذا فهم اللخمي، وقال عياض ليس في الكتاب ما يدل على ذلك، بل لو قيل فيه ما يدل على قول ابن حبيب لكان له وجه، لأنه قال بإثره: ويفضي بيده إلى فرجه إن احتاج، ولو كانت العورة هي نفس الفرج، لما ذكر الفرج بلفظ آخر، نقله ابن ناجي - رحمه الله تعالى ـ.
وأما المرأة مع المرأة فاستظهر اللخمي - رحمه الله تعالى - أنها كالرجل مع الرجل، وحكى اختلافا في غسل الرجل زوجته، والمرأة زوجها، قال: فقال مالك - رحمه الله تعالى - في المدونة: يستر كل واحد منهما عورة صاحبه، وأجاز ابن حبيب - رحمه الله تعالى - أن يغسل كل واحد منهما صاحبه بادي العورة، والأمر في ذلك واسع، وأما غسل الصبي فإن كان صغيرا، أو في الإثغار، فلا بأس أن يغسل مجردا، وأن يغسله النساء مع وجود الرجال، فإن ناهز الحلم جرى على حكم الرجل، فيغسله الرجال مستور السوأة، ولا يغسله النساء، وأما الصبية فإن لم تبلغ أن تشتهى، جاز أن يغسلها النساء مجردة، وستر العورة أفضل، ولا بأس أن يغسلها الرجال عند عدم النساء، وتستر سوأتها، وإن بلغت حد أن تشتهى جرت على أحكام النساء.