والمشهور ندب اقتصاره على القراءة والذكر والدعاء والصلاة، وكراهة اشتغاله بغير ذلك من القرب، كتعلم العلم، وتعليمه، وكتابته، ونحو ذلك، خلافا لابن وهب -رحمه الله تعالى -فقد سوى بين القرب كلها، وأما الخروج للتجارة فهو ظاهر المنع والإبطال.
قوله: والشرط في ذا الباب البيت، معناه أن المعتكف إذا اشترط في اعتكافه أن يفعل أمرا منافيا للاعتكاف كخروجه لبيته أثناءه، ونحو ذلك، لم يفده ذلك الشرط، فيلزمه أن يعتكف على الوصف الذي تقدم بيانه، فإن لم يفعل فسد اعتكافه، ولزمه قضاؤه، كمن لم يشترط، وقال ابن القصار -رحمه الله تعالى -إذا اشترط ذلك لم يلزمه اعتكاف أصلا -دخل أو لا -وقيل لا يلزمه اعتكاف في ذلك إلا بدخوله فيه، وإن دخل بطل شرطه، واعتكف على الوجه المعهود، فإن خالف بطل اعتكافه، ولزمه قضاؤه.
٦٧٤ - وليخرجنْ عند الغروب حيث تم ... ألعدد الذْ عند الابتداء أم
٦٧٥ - إلا بليل العيد، فالبقا إلى ... غدوه منه لعيدٍ فُضِّلا
قوله: وجوزن إمامة العاكف معناه أن إمامة العاكف في الصلاة فريضة أو نافلة، جائزة على المشهور من المذهب، وروى عن سحنون -رحمه الله تعالى -النهي عن ذلك، قال سيدي زروق -رحمه الله تعالى - وعلى الجواز، فقال عبد الحق -رحمه الله تعالى -لا يجمع بهم ليلة المطر، قال غيره: ويستخلف من يصلي بهم على الجنازة.
وأشار ببقية البيت إلى جواز عقد المعتكف النكاح بالمسجد لخفة أمره، لنفسه ولغيره، قال في التاج: من المدونة: لا بأس أن يتطيب وينكح، ابن حبيب: لا يحرم عقد نكاح له أو لغيره، في مجلسه، إلا أنه يكره له الاشتغال بشيء من مثل هذا كله.
قوله: وليخرجن عند الغروب البيتين، معناه أن المعتكف إذا تمت الأيام التي نوى اعتكافها، جاز له أن يخرج عند غروب الشمس من اليوم الأخير، ولا يؤمر بالمكث إلى طلوع الفجر، إلا إذا اعتكف الأيام الأخيرة من رمضان، فإنه يؤمر بالبقاء في معتكفه ليلة الفطر، حتى يغدو منه إلى صلاة العيد، ندبا على المشهور، وقيل وجوبا، وتظهر فائدة ذلك في ما إذا حصل منه مناف للاعتكاف في تلك اليلة، والله سبحانه وتعالى أعلم.