وقدم عليه حملان من مال اليمامة، فما أمسى حتى فرقه، وجمع المهاجرين، والأنصار، وأبناء السبيل، والمساكين، فيحثي بيديه من المال في ثوب أحدهم حتى فرغ، وكان يساوي بين الناس في القسم، قال غير ابن حبيب: ولم يكن يكثر في أيامه، قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: وفضل عمر - رضي الله تعالى عنه - بين الناس في العطاء، يحيى بن سعيد: بلغت المغانم يوم جلولاء ثلاثين ألف ألف، بعث سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه - خمسها إلى عمر فاستكثره، فصب في المسجد وغطاه بالمسوح والأنطاع، وبات عليه علي بن أبي طالب، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن أرقم خازن عمر - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - فلما أصبح عمر دعا بالناس ثم كشف عنه، فإذا فيه حلي، وجوهر، وتيجان، فلما أصابته الشمس التهبت، فحمد الله سبحانه وتعالى عمر والمسلمون حمدا كثيرا، وفرح المسلمون، واشتد بكاء عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء، قال ابن عرفة: زاد في الرواية: إنما هو يوم شكر، ابن حبيب معها: فقال عمر: والله ما فتح الله تعالى على قوم إلا قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ووقعت العداوة بينهم، قال ابن حبيب: وكان في المال تاج كسرى، وسواراه، وفروه، فدعا عمر سراقة بن جعشم وكان طويل الشعر، فألبسه فرو كسرى، ووضع تاجه على رأسه، وسواريه في يديه، ثم قال: اللهم لك الحمد أنت سلبت هذا كسرى، وألبسته سراقة، اللهم منعت هذا نبيك إكراما له، وفتحته علي لتسألني عنه، اللهم قني شره، واجعلني أنفقه في حقه، وأمر سراقة فنبذ ذلك في المال، فما برح حتى لم يبق منه شيء إلى أن قال: وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - يستجيد الحلل الرفيعة بخمسمائة إلى ألفين يكسوها الصحابة، ويلبس الخشن المرقع، فخرج الحسن والحسين - رضي الله تعالى عنهما - إلى المسجد وعمر - رضي الله تعالى عنه - ولم يلبساها فقال: لم لا تلبسانها؟ فقالا - رضي