للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: ودون إذن الأبوين البيت، معناه أنه لا يغزى إلا بإذن الأبوين، لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية، وفي الحديث أن رجلا هاجر إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - من اليمن، فقال: هل لك أحد باليمن؟ فقال: أبواي، فقال: أذناك؟

فقال: لا، قال: " ارجع إليهما فاستئذنهما فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما " (١) وفي الصحيح أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: " أحي والداك " قال: نعم، قال: " ففيهما فجاهد " (٢) وجاء أن جاهمة السلمي جاء إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - يستشيره في الغزو، فقال: " هل لك من أم " قال: نعم، فقال: " الزمها فإن الجنة تحت رجليها " (٣) فإن تعين الغزو بأن فاجأهم العدو أو فاجأ من بقربهم وقد عجزوا عن صده لم يتوقف على إذنهما، ولا فرق في ما ذكر بين الأبوين المسلمين والأبوين الكافرين، إلا أن يعلم أن منع الكافرين له من الجهاد كراهة إعانة المسلمين فلا يعتبر منعهما، واختلف في الجدين هل هما كالأبوين أو لا، الأول ذكره في الإكمال، والثاني ذكره ابن عرفة عن سحنون، وسئل مالك - رحمه الله تعالى - عن الرجل من أهل الأندلس أراد أن يلحق بالمصيصة والسواحل وله ولد وأهل بالأندلس أترى له في ذلك سعة؟

قال: نعم، ثم قال: أيخشى عليهم الضيعة؟

قال: نعم، فكأنه لم يعجبه ذلك حين خاف الضيعة، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: وهذا كما قال لأن القيام عليهم وترك إضاعتهم أوجب عليه، بخلاف الغزو والرباط، لا ينبغي لأحد أن يضيع فرضا واجبا عليه بما هو مندوب إليه، نقله في المواهب.


(١) رواه أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله تعالى عنه ـ بإسناد صحيح.
(٢) متفق عليه من حديث عبد بن عمرو ـ رضي الله تعالى عنهما ـ.
(٣) رواه النسائي، وهو حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>