قوله: وأدبنْ البيتين، معناه أن الحالف بالطلاق أو العتق يؤدب، للنهي عن الحلف بذلك، ويلزمه ما تقتضيه يمينه من طلاق أو عتق، إن حنث فيها، قال ابن ناجي - رحمه الله تعالى -: ونص مطرف وابن الماجشون على ذلك، يعني التأديب إذا تعدد الحلف بهما، وهي جرحة في الشهادة والأمانة، قال ابن القاسم: ويضرب من لا امرأة له ومن لا عنده ما يعتق أكثر، لإضافته إلى النهي الكذب.
قوله: والحل بالثنيا البيت، معناه أن الحلف بالطلاق والعتق ونحوهما من كل ما سوى اليمين بالله سبحانه وتعالى وما في معناها، لا ثنيا فيه ولا كفارة، والثنيا: تعليق الأمر بمشيئة الله سبحانه وتعالى، فإذا قال: إن جاء زيد فهند طالق أو حرة إن شاء الله تعالى فجاء زيد لزمه الطلاق والعتق، ولا تنفعه في ذلك ثنياه ولا تكفيه فيه كفارة، بل بمجرد حنثه يقع عليه ما ذكر، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى -: الأصل في من أوجب على نفسه فعل شيء بيمين من الأيمان فلم يفعله، أو حلف أن لا يفعله ففعله، أن يلزمه ما حلف عليه، ولا يقيم الاستثناء بمشيئة الله سبحانه وتعالى فيه، إذ لا علم لنا بمشيئته سبحانه وتعالى، فخرج الاستثناء في اليمين بالله سبحانه وتعالى من ذلك بالسنة، وبقي ما عداه على أصله.
٩٩٢ - ومَن يقل إن شاء ربي بعد ما ... قد كان بالله تعالى أقسما
٩٩٣ - فلا يكفر إذا ما نطقا ... قاصدا الثنيا به ونسقا
٩٩٤ - فإن يكن سكت قبله بلا ... ضرورة فلا يفيد مسجلا
أشار بهذا إلى أنه يشترط في رفع حكم الحنث بالثنيا في اليمين بالله سبحانه وتعالى وما في معناها، أن ينطق بها فلا تكفي نيتها فقط، وأن يقصد بها الاستثناء، فلو جرت على لسانه من غير قصد، أو بقصد غير الحل كالتبرك ونحوه، لم تنحل بها اليمين، ويشترط كذلك أن يصلها باليمين، فلو فصلها عنها اختيارا لم تسقط عنه الكفارة، وأما الفصل لضرورة من عطاس أو سعال أو نحوه فهو مغتفر، كما أشار إليه بالبيت الأخير.