للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وكل من قد طلقت البيت، معناه أن كل مطلقة بعد الدخول يجب إسكانها، سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، وكذلك المستبرأة من فسخ، أو لعان، أو طلاق، لمساواتها للمطلقة في حبسها، قال في التبصرة في تعليل وجوب السكنى للمطلقة: وذلك حق للزوج، لحفظ النسب، وحق لها، لأنها ممنوعة من الأزواج من أجل مائه، وحق لله سبحانه وتعالى، ثم قال: والأصل في السكنى لها في الطلاق الرجعي قول الله سبحانه وتعالى: (لا تخرجوهن من بيوتهن) وفي وجوبه عليها قوله سبحانه وتعالى: (ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ووجب لها في الطلاق البائن بقوله سبحانه وتعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ثم قال سبحانه وتعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) فبان بهذا أن هذه العدة عن طلاق بائن، لأنه لم يجعل لهن النفقة إلا بوجود الحمل، ولو كان رجعيا لكانت لها النفقة وإن لم تكن حاملا.

وصفة السكنى أن تلزم المسكن بالليل، قال مالك - رحمه الله تعالى -: ولا بأس أن تخرج قبل الفجر، وتأتي بعد المغرب ما بينها وبين العشاء، وذلك لما روى في الموطإ عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن السائب بن خباب توفي وأن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - فذكرت له وفات زوجها، وذكرت له حرثا لهم بقناةَ، وسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه، فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج من المدينة المنورة سحرا، فتصبح في حرثهم فتظل فيه يومها، ثم تدخل المدينة المنورة إذا أمست، فتبيت في بيتها، قال في التبصرة: وهذا في بعض الأوقات وعند الحاجة تعرض، وليس لها أن تجعل هذا عادة تكون سائر النهار في غير الموضع الذي تعتد فيه، قال مالك في كتاب محمد: ولا أحب أن تكون عند أمها النهار كله.

<<  <   >  >>