قوله: وإن يكن دون الثلاث طلقا البيت، معناه أنه إذا كان الطلاق رجعيا فلها النفقة أيضا لأنها زوجة، قال ابن المنذر: أجمع من أحفظ عنه من علماء الأمصار أن للمعتدة التي تملك رجعتها السكنى والنفقة، إذ أحكامها أحكام الأزواج في عامة أمورها.
ولا نفقة للبائن إلا أن تكون حاملا، كما أشار إليه بقوله: ما لم يكن ذلك البيت، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:(وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن) فمفهوم الآية الكريمة عدم وجوب النفقة على غير الحامل، ومنطوقها وجوبها للحامل، وهذا إذا كانت حرة، فإن كانت أمة لم تجب نفقتها للحمل لأنه رقيق، فما يجب له يجب على سيده، ويشترط أيضا كون الأب حرا، فلا تجب على عبد، لأن ذلك تفويت لمال سيده، وتستثنى من الحامل البائن الملاعنة فلا نفقة لحملها إذا نفاه باللعان لعدم لحوقه به، كما أشار إليه بقوله: وليس بالواجب من إنفاق البيت، فإن كان لعانه للرؤية خاصة فعليه النفقة للحمل لأنه لاحق به، وتستثنى من ذلك أيضا المتوفى عنها، فلا نفقة لها مطلقا، حاملا أو لا، أما مع عدم الحمل فلارتفاع أحكام العصمة بالموت كالطلاق البائن، وأما مع الحمل فلأن وجوب النفقة في الحياة للحمل لأنه ولد، فتسقط نفقته كسائر القرابات، وأما السكنى فإن كان المسكن له أو كان قد اكتراه ونقد كراءه فهي أحق به، وإن لم يكن نقد كراءه فلا سكنى لها في ماله، وتؤدي الكراء من مالها ولا تخرج إلا أن يخرجها رب الدار ويطلب من الكراء ما لا يشبه، والأصل في لزوم سكناها حديث الفريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنهما - (١)
(١) أنها جاءت إلى النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ وذكرت أن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا فقتلوه، وسألته أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، وذكرت أنه لم يتركها في مسكن يملكه ولا نفقة، فقال: نعم، فلما خرجت دعاها، أو أمر بها فدعيت، وقال: " كيف قلت؟ " فأعادت عليه، فقال: " امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله ".