يعني أن الطهارة لا تصح إلا بالماء الطهور سواء كانت من حدث أو خبث أو غيرهما، وهو الماء الذي ليس بمتغير بشيء، في لونه، أو طعمه، أو رائحته، سواء كان نازلا من السماء، أو نابعا من الأرض، جاريا أو راكدا، في بحر أو نهر أو بئر أو غيرها، ملحا أو عذبا، وإلى هذا الإشارة بالبيت الأول.
وأما الماء المتغير فإما أن يكون مغيره طاهرا أو لا، فإن كان مغيره طاهرا فإن كان مما ينفك عنه غالبا ولم يكن متولدا منه، كدهن ولبن، فهو غير طهور، لأن الشيء مع غيره غيره لا مع غيره، وقد قال سبحانه وتعالى): فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) ولا فرق في ذلك بين تغير الريح وغيره، خلافا لابن الماجشون حيث ألغى تغير الرائحة مطلقا، ولسحنون حيث ألغى خفيفها، وأما المتغير بقراره كالسبخة والمغرة - بفتح الميم وسكون الغين وفتحها وهي: الطين الأحمر - أو بما تولد منه، أو بطول مكثه، ونحو ذلك فطهور، لأن المياه لا تنفك عن ذلك غالبا، فكان ذلك من مفهوم الماء عرفا، وإلى هذين القسمين الإشارة بالبيت الثاني، وأشار بقوله: واحكم لما تغيرا ... البيت إلى أن الماء المتغير بما يسلب طهوريته يحكم له من حيث الطهارة والنجاسة بحكم مغيره، فإذا كان مغيره طاهرا كان طاهرا، وإذا كان مغيره نجسا كان نجسا، ومحل هذا إذا كان تغييره له عن مخالطة، وأما إذا كان عن مجاورة فلا يضر بلا خلاف كما في التوضيح، لأن ذلك لا ينقل الماء عن اسمه كما قال أبو عبد الله المازري في شرح التلقين.