والجواب عن هذا السؤال أن الكراهة المذكورة هنا كراهة اجتهادية على أصل مراعاة الخلاف، وهي غير منافية للصحة والثواب، لأن معناها استحباب سلوك المتفق عليه، المعلوم في الشرع، والأخذ بالاحتياط، مع ترجيح عدم توجه النهي، ولو نافت الثواب للزم أن يكون من شروط الثواب الإتيان بالقربة على وجه لا يختلف فيه، فالكراهة المنافية للصحة والثواب هي الكراهة التي ورد بها النص، ولا يتصور حصولها في ما هو عبادة، لأن العبادة تستلزم الأمر، وهو نقيض النهي، وهذا إذا تعلقت الكراهة بجملة الماهية كالتنفل في وقوت النهي، فهو غير عبادة، وإن تعلق بهيئة فيها نقص الأجر بسببها كالذي يقعي في صلاته عند من يكره ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وفهم من كلام الشيخ -رحمه الله تعالى -أن مخالطة الطاهر القليل لا تسلبه الطهورية حيث لم يتغير، وهو كذلك بالأولى، خلافا لما روي عن الشيخ أبي الحسن القابسي في مخالطة المائع الطاهر اليسير، والله سبحانه وتعالى أعلم.
واختلف في تغيره بالطاهر الذي يضطر إليه كحبل السانية، فقيل: لا يضر ذلك مطلقا، وقيل يسلب مطلقا، وفصل ابن رشد -رحمه الله تعالى -بين البين والخفيف، وفي معنى هذا تغيره بما يجعل فيه تعقيما له، والمعول من الأقوال قول ابن رشد -رحمه الله تعالى - والله سبحانه وتعالى أعلم.