قوله: ومن يكن بصحة الأبيات الخمسة، أشار به إلى ترتيب الأشياء التي تخرج من الثلث إذا ضاق عن جميعها، والمعنى أنه إذا ضاق ثلث المال عن الوصايا ولم يوص الميت بتقديم بعضها على بعض قدم الآكد فالآكد، ويقضى بالحصاص في التساوي، كما يقضى به في النوع الواحد إذا تعدد وكان في لفظ واحد، كتدبير اثنين في فور واحد، فإن كان على الترتيب قدم الأول فالأول، وإن أوصى بتقديم بعض على بعض قدم ما أوصى بتقديمه، وإن كان غيره آكد منه مما له أن يرجع عنه، فيقدم المدبر الذي دبره وهو صحيح على ما حصل منه في مرضه من عتق أو تدبير أو غيره، إذ ليس له أن يرجع عنه، واختلف في صداق المنكوحة في المرض، فقيل يقدم على مدبر الصحة، وهو ظاهر ما سبق في النكاح، وذلك لأنه في مقابلة حق، وقيل يقدم عليه مدبر الصحة وهو المشهور، قال في الجواهر: لأنه ليس له أن يرجع عن تدبيره، فكذلك ليس له أن يدخل عليه ما يبدأ عليه.
وقيل يتحاصان، ويلي ذلك ما أوصى بإخراجه من زكاة سابقة فرط فيها، وأما زكاة عامه إذا اعترف بحلولها وأنه لم يؤدها فإنها تؤخذ من رأس المال، وذلك هو المراد بقوله: وهذه الزكاة ذات سبق البيت.
وقوله: بدا هو بكسر الباء وتنوين الدال، الباء فيه حرف جر بمعنى الظرف، ودا - بالتنوين -: مقصور داء وهو المرض، والمعنى أن الزكاة التي فرط فيها وأوصى بإخراجها مقدمة على مدبر المرض ومعتقه، وتقدم عليهما الكفارات، ويقدم مبتل العتق على الموصى بعتقه، ومدبر المرض ومعتقه في رتبة واحدة.
قوله: وللذي أوصى بغير مفترض البيت، معناه أن رجوع الموصي عن وصيته جائز بالقول والفعل، سواء كانت في صحة أو مرض، كان رجوعه في صحة أو مرض، وقد حكوا في ذلك الإجماع.