قوله: ولا يباع حبس البيتين، معناه أن الحبس لا يجوز بيعه إلا أن يكون غير عقار وذهبت منفعته التي وقف لها كالفرس يكلب، أو يهرم بحيث لا ينتفع به، أو الثوب يخلق بحيث لا ينتفع به في الوجه الذي وقف له، فيباع ويصرف ثمنه في مثله، ويجعل مكانه، فإن لم يصل إلى كامل من جنسه جعل في شقص من مثله، ويباع ما فضل من ذكور الحيوان عن النزو، وما كبر من الإناث، ويجعل في إناث، وذلك لتعين المصلحة في ما ذكر، وتمحض الفساد والضيعة في عدمه، مع القطع بأن ذلك قصد المحبس، وأما العقار فلا يجوز بيعه وإن خرب، أو خرب ما حوله، لبقاء أحباس السلف داثرة، وذلك لرجاء وجود من يصلحه بكرائه، ورجاء عود العمارة، وطرو الرغبة في ذلك الموضع، وخوف التذرع إلى بيع الأحباس، واختلف في المناقلة به لربع عامر، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: إن كانت هذه القطعةمن الأرض المحبسة انقطعت منفعتها جملة، وعجز عن عمارتها وكرائها فلا بأس بالمعاوضة فيها بمكان يكون حبسا مكانها، ويكون ذلك بحكم من القاضي بعد ثبوت ذلك السبب، والغبطة في ذلك المعوض عنه، ويسجل ذلك ويشهد به، نقله في التاج.
وإلى هذا أشار بقوله: وفي مناقلة البيت.
واستثنوا من بيع الحبس الدار تكون بجوار المسجد الجامع فيضيق عن الناس، فإنها تباع لتوسيعه، وقد أدخلت في مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم دور كانت محبسة، قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: وسمع ابن القاسم: إن باع قوم دارا كانت لهم حبسا وأدخلوها في المسجد اشتروا بثمنها دارا أخرى يجعلونها في صدقة أبيهم، ولا يقضى عليهم بذلك، ثم قال: ولمالك وابن القاسم - رحمهم الله تعالى جميعا - إن استحق حبس فعل بثمنه ربه ما شاء.