التعدي عرفه ابن عرفة - رحمه الله تعالى - بقوله: التصرف في شيء بغير إذن ربه دون قصد تملكه، وإذا أحدث المتعدي في السلعة نقصا فإن كان يسيرا أصلحه، ولربه ما نقص من قيمته بعد إصلاحه، وإن كان كثيرا خير بين تغريم قيمته أو أخذه مع أرش النقص، خلافا لأشهب حيث قال يخير بين تغريم قيمته وأخذه ناقصا بلا أرش، وفي معنى الكثير اليسير المفيت للمقصود كقطع ذنب دابة ذي هيئة.
١٦٢٦ - وليردد الغاصب كل ما استغل ... مما به انتفع أو له أكل
١٦٢٧ - وإن يجامع أمة فالحدُّ ... وما به تحمل منه عبد
١٦٢٨ - وربح ما اغتصب لا يطيب ما ... لم يعط عنه ربه ما لزما
١٦٢٩ - بل بعض صاحب مالك قال الاحب ... له التصدق بما منه كسب
قوله: وليردد الغاصب البيت، معناه أن الغاصب يلزمه رد غلة المغصوب، سواء أكلها أو انتفع بها، سواء كان المغصوب ربعا أو غيره، سواء سكن أو آجر، وهذه رواية أشهب وعلي بن زياد، قال في الجواهر: وذكر القاضي أبو الحسن عكسها، وهو أنها لا تضمن على الإطلاق، وروى ابن القاسم أن الغاصب يضمن غلة الرباع والإبل والبقر والغنم، ولا يضمن غلة العبيد والداوب، وقال أيضا يغرم ما استعمل، وقال ابن المعذل يغرم غلة ما لا يسرع إليه التغير، كالدور والأرضين والنخل، ولا يغرم غلة ما يسرع إليه التغير كالعبيد والحيوان، وقال القاضي أبو بكر الصحيح أن المنافع مال، وأنها مضمونة، سواء تلفت تحت اليد العادية أو أتلفها المتعدي.
قوله: وإن يجامع أمة البيت، معناه أنه إذا غصب أمة فوطئها فهو زان، فيحد ولا يلحق به الولد، وهو عبد لسيدها.
قوله: وربح ما اغتصب البيت، معناه أن الغاصب إذا اتجر بما غصب وربح فالربح لا يطيب له حتى يرد إلى المغصوب منه رأس المال، ومقتضاه أنه إذا رد الأصل طاب له الربح
قوله: بل بعض صحب مالك البيت، معناه أن بعض أصحاب مالك وهو أشهب - رحمهما الله تعالى - استحب له أن يتصدق بما ربح منه، وفي التبصرة استحسان الفرق بين أن يكون المغصوب منه ممن يتجر وأن يكون ممن لا يتجر، فيكون له الربح في الأول، وإن لم يتجر بها الغاصب على تفصيل في قدر ما يجب منه.